ساحة لتخليد أسماء شعراء قبيلة عتيبة ..

[مُهــرة عتيبــة]

هاجد بن ناهض بن مغرق الجحوفي الحافي

من قبيلة عتيبة ولد في عالية نجد عام 1320ه تقريبا وله قصائد كثيرة لكن أغلبها فقد ولم يبق منها سوى بعض الأبيات في ذاكرة الرواة،وقد حاولت أن اجمع شتات بعض منها،ويمتاز شعره بالعذوبة وسلاسة العبارة ومتانة السبك وأصالة المفردة ويغلب على قصائده الغزل العفيف ومن ذلك قوله:

يا زين برق ٍ سمر في جاهز ٍ كفا
في شمخ المزن يوم يفوج به نوره
ويا مل قلب ٍ على غاليه ينلفا
لفة حفيف ٍ عليه الريح مأموره
أقرت له الريح واخلف لونه وحفا
باق ٍ حسابه شهر من حسبة شهوره
يا ليتني وأنت يا المجمول نصطفا
لو ننتقل من ورى عمان وبحوره
اشكي على الله ولا على الله مخفا
اللي حناني بوده حني باكوره

كما يحفظ الرواة قصيدة غزلية أخرى قالها عندما كان مع إبله على مورد مائي وشاهد إحدى الفتيات التي بينها وبينه عشق برئ وكان حاول الزواج بها ولكن منعوها منه أهلها لخلاف بينه وبين إخوتها ونختار منها قوله:

كريم يا بارق ٍ من جاهز الشامي
ساق برزيف الرعد والبرق يوضي له
برقه عروض بنضيد المزن الاردامي
كل الاوادم تنظر فيه وتخيله
سالن منه البيار وفوقهن حامي
وادي غثاه ارجع وسالت معاييله
عشرين معدود للحساب من عامي
وانا طريح الغضي زاهي خلاخيله
يا بو خديد ٍ زهى الفرده والانظامي
عجل عليه بذبحك وش حياتي له

و في ربيع الأول من عام 1388ه خرج ذات يوم ممطر ليتفقد أبناءه في المرعى فأصابته صاعقة وتوفي رحمه الله.

مناسبة النص:
في عام 1374ه كان هناك ربيع متتالٍ على عالية نجد وكان شاعرنا ينزل في أطراف جبل النير ووادي الرشا فجاوره آل فهاد من قبيلة يام وكبيرهم شديد ابن عايض وحصل بينه و بينهم عشرة وحسن جوار،وكانوا يجتمعون لقهوة الصباح في مجلس والعصر في مجلس آخر واستمروا على ذلك لمدة سنتين تقريباً وعندما بدأت بواكر البروق تلوح على ديارهم تشاوروا في الرحيل إلى الجنوب وحاول أن يثنيهم أو يطيل فترة بقائهم معللاً ذلك بانتظار قدوم كبيرهم شديد الذي كان ذاهباً للحج في تلك السنة متمنياً أن شديد يختار البقاء، ولكن الديار طلبت أهلها فكان رحيلهم له اثر كبير على شاعرنا فكانت له عدة قصائد غير هذه القصيدة ومن ذلك قوله:

أمسيت قلبي من الجيران مشحون
عذلت قلب العنا وأزداد بضيامي
يا شديد أكنوا ليا جيتوا تشدون
أكنوا على اللي سنعهم من سنع يامي
قالوا مشينا وقلنا زين بالهون
نبا نحري الأمير و نأخذ أيامي
شفي تنووا وبالرمله يطرون
يبغون مربى النعام وديرة الظامي
هذا الشهر زل ما نامن العيون
والروح يشدي معيد ٍ طاله هيامي

دراسة الأبيات:
استهل الشاعر قصيدته مصوراً حالة من الخلوة مع النفس في مكان مرتفع يشرف على ما حوله للدلالة على أهمية الأمر الذي يشغل تفكير الشاعر وكلمة(سداديني) تعني الهواجس والأفكار التي تراوده وكان شاعرنا في حالة حوار وجدل مع قلبه حول تعلقه بجيرانه ثم يؤكد أن هذا الجدل قد طال حيث صعد إلى هذا المرتفع وقت الصباح ونزل منه وقت صلاة العشاء، ثم يشبه نفسه وهو في تلك الحالة بالذئب الجائع بعد أن حاول الاصطياد ولم ينجح فرفع صوته بالعواء ولذلك يكون صوته قوياً ومؤلماً ،راداً ذلك إلى إحساسه بمدى الفراغ الذي سيتركه رحيلهم في نفسه وهم الجيران الفضلاء الذين لم يجد منهم ما يسيء طوال فترة بقائهم عنده،بل إن إكرامهم لمن ليس من قبيلتهم من العادات المتأصلة لديهم ،وكلمة (قبل)بمعنى دائماً،ثم يوجه شاعرنا خطابه إلى صديقه شديد متمنياً عليه الرجوع عن قرار الرحيل القاسي الذي يرى شاعرنا انه لا يوازي ما يحمله لهم من حب وتقدير يستحيل معه نسيانه لهم قارناً ذلك بأن ينسى المسلم الصيام،ثم يؤكد على رغبته في بقائهم وأنه سيطلب ذلك من القبيلة ككل وهي صاحبة النجدة المراعية لحق الجار معلناً أن قلبه قد اختار رفقتهم دون سواهم.
و يدل هذا النص على أن الجيرة غرض شعري رئيس في الشعر الشعبي والذي يشتمل على أغراض اجتماعية متنوعة أولوها الشعراء اهتماماً وعناية كونها تمثل قيمة مهمة من قيم مجتمع الجزيرة العربية.


وله هذه القصيدة:


عديت في مرقب ٍ وأقرا سداديني
وأجادل القلب في حي ٍ يجرونه
باديه صبح وهذاه الليل ممسيني
ولا ملت كود العشا وقته يصلونه
واقنب قنيب المجيع من السراحيني
يقنب بعد حاف وأفلس ما حصل لونه
واقنب من حسوف جيران ٍ مقفيني
واقنب من القلب واحباب ٍ يحبونه
وأبكي رجال ٍ قبل ما تعرف الشيني
والأجنبي لو ردي وارخيص يغلونه
لولا أشقر البن مع نجره يلهيني
جلعت تجليع صقر ٍ يوم يدعونه
يا شديد أثرك قسي واثرك ناسيني
حلفت ما أنساك لين الصوم ينسونه
ان كان يا شديد ٍ ما انته بمشفيني
عويت للي قنيب الجار يشفونه
القلب في غير رفقة يام عاصيني
ما ينعذل لو عذاذيله يعذلونه
أدرس القلب بالآيات والديني
ويقول قرا وقول الله يعرفونه