[align=center]قبل العشر الأواخر ..
وقبل أن نقف بين يدي ربنا .. ونتحرى ليلة القدر ..
قبل أن نرفع أيدينا خاضعين .. خاشعين .. نسأل الله المغفرة .. والعتق من النار ..
دعونا نلتفت هنا ..
ونفتّش قلوبنا ..
ونجاهد أنفسنا ..
ونستحضر قوله تعالى (( ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا )) وقوله سبحانه (( إلا من أتى الله بقلب سليم )) .. وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ( تُعرض الأعمال كل يوم اثنين وخميس ، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئًا ، إلا امرءًا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا ) .. وقوله صلى الله عليه وسلم ( .. لا تؤمنوا حتى تحابّوا ) وقوله ( حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .. وقوله صلى الله عليه وسلم ( أتدرون من المفلس ؟ قالوا : يا رسول الله ، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ، وقد شتم هذا ، وضرب هذا ، وأخذ مال هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار) .. واستحضر قصة ذلك الصحابي الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم ( يدخل عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة ) .. وقال ذلك الصحابي " هو ما ترى إلا أنني أنام وليس في قلبي شئ على امرئ مسلم " .. ثم تأمل قوله صلى الله عليه وسلم ( يأس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب .. ولكن بالتحريش بينهم ) ! .. وفي الأثر عن عمر رضي الله عنه قال : " لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً " .. وقال الشافعي : " من أراد أن يقضي له الله بخير فليحسن ظنه بالناس " ... ولما دخل عليه أحد إخوانه يعوده وقال : قوّى الله ضعفك ، فقال الشفعي رحمه الله : لو قوى ضعفي لقتلني ، قال الزائر : والله ما أردت إلا الخير ! فقال الإمام : أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير ..... ويقول ابن سيرين : " إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا فإن لم تجد فقل : لعل له عذرًا لا أعرفه " ..... واستحضر أيضا .. أن المؤمن يلتمس المعاذير، والمنافق يلتمس العثرات.. !
ثم لنسأل أنفسنا .. : ما الذي جعل في أنفسنا شي على هذا أو ذاك .. مع أن غاية الأمر " اختلاف رأي " ! وقد اختلف الأئمة الكبار من قبل .. بل والصحابة رضي الله عنهم ..
ما دعاني لهذه الخاطرة .. أولا : نصيحة لنفسي ولأخواني ..
وثانيا : ما رأيت من تحامل البعض على علماء أجلاء ـ حتى لو اختلفنا معهم ـ وقد تميزوا ببذلهم " وحفظهم لألسنتهم " وسلامة قلوبهم ـ نحسبهم ـ .. كل ذلك بسبب آراء محتملة قد تصيب وقد تخطئ ! والغريب اقرار ـ بل تأييد ـ من البعض حتى لا تكاد تجد ناصح ! وكل المسألة ـ باتفاقهم ـ هي رأي خطأ على أسوأ الأحوال !
يا أخي الكريم .. إن شيئا من " سلامة الصدر وحسن الظن " ـ المأمور به شرعا ـ سيخفف مما تجد في قلبك على أي مسلم كان ـ فضلا عن العالم ـ فهو يحب دينه كما تحبه .. ويحب نبيه كما هو حالك .. ويسعى لنصرة دينه كما تسعى أنت .. الواجب علينا أن نفعّل معنى " فقه الاختلاف في الرأي " وأن نقدّر أهل العلم .. وأن " نتواضع " .. ولا نحوّل بعض المسائل إلى " أركان ! " لأنها توافق رأينا .. ونجعل من بعض الأخطاء " طوام " لأن الواقع فيها غيرنا ! .. وعلينا أن نبذل الجهد في احتواء الخلاف وعدم تجاوزه الحدود .. ونقدّر أهل العلم الذين نختلف معهم .. كما نحب أن يُقدر أهل العلم الذين نتفق معهم .. وقد دلّت المحكمات على أن " التنازع " من أعظم أسباب الضعف .. فلا نجعل من أنفسنا حطبا له ..
أسأل الله أن يهدي قلوبنا .. ويصلح حالنا ..
وأذكركم قبل العشر .. بإخواننا المستضعفين في فلسطين والعراق وافغانستان والشيشان وكوبا .. وفي كل مكان ..
أسأل الله العلي القدير أن يرفع الضر والبلاء عن اخواننا في كل مكان .. وأن يصرف عنا وعنهم السوء .. وأسأله تعالى أن ينصر المجاهدين في سبيله .. ويبارك في جهود العلماء المصلحين ويجمع كلمة المسلمين .. آمين ..
منقول للفائدة[/align]