بقلم- أحمد الجارالله:
أثلج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصدور في العالمين العربي والإسلامي بخطاب براءة الذمة, الذي كنا على يقين انه سيأتي لا محالة في وقته المناسب وما تأخيره الا بسبب الاتصالات التي كان يجريها حكيم العرب, ليضع الأمور في نصابها الصحيح حيال ما يحدث في سورية, وليحسم أمراً لا يحتمل التأجيل أكثر بعد أن استفحلت آلة القتل في حصد المزيد من المواطنين في غالبية المدن والقرى السورية, "لأن كل عاقل عربي ومسلم أو غيرهم يدرك أن ذلك ليس من الدين, ولا من القيم والأخلاق", وسفك الدماء وزج الناس في السجون أقفلا كل نوافذ الأمل بإصلاح يخلص سورية مما ابتليت به.
نعم يا خادم الحرمين الشريفين, إن الحدث أكبر من أن تبرره الأسباب, وجميعنا نتفق معك على أن ما يحدث في سورية لا يستطيع العرب والمسلمون السكوت عليه, وحين تحدثت في بيان الحكمة بعثت الراحة في نفوس الجميع, لان حقن دماء العرب والمسلمين وأصحاب العقيدة هو الشغل الشاغل لكل مسؤول نقي السريرة يسير على المحجة البيضاء, وهو ما أنت عليه. لقد قلت ما أردناه شعوبا عربية واسلامية, بل ما أراده المجتمع الدولي المؤمن بحقوق الانسان وكرامته وحريته وعدالته, ويعرف حقوق الرعية وحدود المسؤول فيها, هذا المجتمع الذي كان دائما يقول: تحركوا أيها المسلمون والعرب حتى نتحرك.
بعضنا يعرف يا خادم الحرمين أنك كنت وما زلت تقاتل على أكثر من جبهة من اجل إيجاد حل على قاعدة" لعل وعسى", لكن الرشد لم يؤت من رفضوا الاصغاء لصوت العقل, لأن شهوة السلطة أعمتهم فـ"انسطلوا"مما صوره لهم غيهم, فأراقوا الدماء وقتلوا الأنفس البريئة وجوعوا الاطفال والكبار, وهؤلاء الذين روعوا الناس بما يقترفونه من مجازر تفوق الوصف ببشاعتها, لم يتعلموا ممن سبقهم في هذا الدرب الذي أوصلته مجازره الى محكمة العدل الدولية, وكان الجزاء على قدر الجرم.
دعنا يا خادم الحرمين الشريفين نقول لحاكم سورية بشار الاسد: لقد شرعت أبواب العالم العربي أمام الفرس, من لبنان الذي يعيش الكرب منذ ثلاثة عقود ونيف, الى سورية التي يزداد يوما بعد يوم غضب شعبها فيما يرى الفرس يقبضون على عصب اقتصاده وأمنه, وها هم السوريون اليوم يرون فرس العرب المستوردين من الضاحية الجنوبية لبيروت, ومعهم فرس "الباسيج" يقتلون أولادهم بدم بارد لاسكات نداء الحرية والديمقراطية في نفوسهم.
اسمع يا بشار ... لقد نشرت الهم والغم في أرض العرب, وكلما ازداد حنق شعبك والشعوب التي تعاني من العصا الايرانية عليك ازداد همك, وزاد شعور حكام طهران أنك ونظامك على وشك السقوط, فلجأوا الى فتح جبهات جديدة, بدءا من البحرين, ومرورا بما جرى ويجري في غزة, الى محاولة التدخل في مصر, والتضييق على الشعب اللبناني, وصولا الى توجيه التهديدات الى الكويت, لكن في كل تلك الجبهات ردوا على أعقابهم يجرون أذيال الخيبة, وما هزائمهم الا مقدمات لانهيار مشروعهم في المنطقة ككل.
نسأل بشار الاسد مجددا: أما حان الوقت حتى تعود الى أمتك? خصوصا بعد بيان الحكمة الصادر من الملك عبدالله, فتنظف سورية من بني فارس, ولبنان من جحافل الباسيج والحرس الثوري وحسن نصرالله?
أما حان الوقت كي تعود سورية قلعة العروبة الى عروبتها وتعود أرض صلاح الدين ويوسف العظمة ونور الدين زنكي عربية وألا تبقى ممرا للفرس?
لا نريد ان تفاجئنا سورية غدا ببيانات وتصريحات وردود ملّ العالم سماعها, بيانات مليئة بعبارات التنطح وبحديث الإفك عن مسلحين وسلفيين و"قاعدة" وغيرها, وكلها تبريرات ممجوجة, فحمام الدم الذي فرضه النظام على كل سورية أسقط حجة ان ما يجري هو شأن داخلي, ولن تنطلي على أحد محاولة نفي وجود قوات ايرانية تذبح الشعب السوري, فكل هذا الكلام لم يعد مقبولا في العالم العربي ولا في أي محفل بالعالم. إسمع يابشار. لقد حانت ساعة مواجهة الحقيقة عارية من كل لبس, وهو ما يجب ان تفهمه جيدا, وتصحو من الاحلام التي تزينها لك ماكينة القتل والقمع والتزييف, وتدرك ان الشعوب لا تحكم بهذا الاسلوب الوحشي البائد.
نعم آن لك أن تدرك فحوى رسالة رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان "من دَق دُق", وفي بيان الحكمة الذي وجهه الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الشعب السوري "جاك العلم يا بشار", فالساعة آتية لا ريب فيها, وويل لمن يستهينون بقدرات شعوبهم وبالحق.
****