حدثنا علي بن محمد قال : حدثنا عبد الرحمن المحاربي ، عن إسماعيل بن رافع أبي رافع ، عن أبي زرعة السيباني يحيى بن أبي عمرو ،
عن عمرو بن عبد الله ، عن أبي أمامة الباهلي ،
قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أكثر خطبته حديثا ، حدثناه عن الدجال ، وحذرناه ، فكان من قوله أن قال :
" إنه لم تكن فتنة في الأرض ، منذ ذرأ الله ذرية آدم ، أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال ،
وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، وإن يخرج وأنا بين ظهر****م ، فأنا حجيج لكل مسلم ،
وإن يخرج من بعدي ، فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم ، وإنه يخرج من خلة بين الشام ، والعراق ، فيعيث يمينا ويعيث شمالا ،
يا عباد الله فاثبتوا ، فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي ،
إنه يبدأ ، فيقول : أنا نبي ولا نبي بعدي ، ثم يثني فيقول : أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا ، وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ،
وإنه مكتوب بين عينيه كافر ، يقرؤه كل مؤمن ، كاتب أو غير كاتب ، وإن من فتنته أن معه جنة ونارا ، فناره جنة ، وجنته نار ،
فمن ابتلي بناره ، فليستغث بالله ، وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما ، كما كانت النار على إبراهيم ،
وإن من فتنته أن يقول لأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم ، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه ، وأمه ،
فيقولان : يا بني ، اتبعه ، فإنه ربك ، وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة ، فيقتلها ، وينشرها بالمنشار ، حتى يلقى شقتين ،
ثم يقول : انظروا إلى عبدي هذا ، فإني أبعثه الآن ، ثم يزعم أن له ربا غيري ، فيبعثه الله ،
ويقول له الخبيث : من ربك ؟ فيقول ربي الله ، وأنت عدو الله ، أنت الدجال ، والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم " ،
قال أبو الحسن الطنافسي : فحدثنا المحاربي قال : حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة " . قال :
قال أبو سعيد : " والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب حتى مضى لسبيله . قال المحاربي ، ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع ، قال :
" وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه ،
فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه ، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ،
حتى تروح مواشيهم ، من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه ، وأمده خواصر ، وأدره ضروعا ،
وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه ، وظهر عليه ، إلا مكة ، والمدينة ، لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة ،
حتى ينزل عند الظريب الأحمر ، عند منقطع السبخة ، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات ، فلا يبقى منافق ، ولا منافقة إلا خرج إليه ،
فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير ، خبث الحديد ، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص "
، فقالت أم شريك بنت أبي العكر : يا رسول الله فأين العرب يومئذ ؟
قال " هم يومئذ قليل ، وجلهم ببيت المقدس ، وإمامهم رجل صالح ، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح ،
نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح ، فرجع ذلك الإمام ينكص ، يمشي القهقرى ، ليتقدم عيسى يصلي بالناس ،
فيضع عيسى يده بين كتفيه ، ثم يقول له : تقدم فصل ، فإنها لك أقيمت ، فيصلي بهم إمامهم ، فإذا انصرف ، قال عيسى عليه السلام :
افتحوا الباب ، فيفتح ، ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي ، كلهم ذو سيف محلى وساج ،
فإذا نظر إليه الدجال ذاب ، كما يذوب الملح في الماء ، وينطلق هاربا ، ويقول عيسى عليه السلام : إن لي فيك ضربة ، لن تسبقني بها ،
فيدركه عند باب اللد الشرقي ، فيقتله ، فيهزم الله اليهود ، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء ،
لا حجر ، ولا شجر ، ولا حائط ، ولا دابة ، إلا الغرقدة ، فإنها من شجرهم ، لا تنطق ، إلا قال : يا عبد الله المسلم هذا يهودي ، فتعال اقتله "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وإن أيامه أربعون سنة ، السنة كنصف السنة ، والسنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، وآخر أيامه كالشررة ،
يصبح أحدكم على باب المدينة ، فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي " ، فقيل له : يا رسول الله كيف نصلي في تلك الأيام القصار ؟ قال :
" تقدرون فيها الصلاة كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال ، ثم صلوا " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" فيكون عيسى ابن مريم عليه السلام في أمتي حكما عدلا ، وإماما مقسطا ، يدق الصليب ، ويذبح الخنزير ، ويضع الجزية ،
ويترك الصدقة ، فلا يسعى على شاة ، ولا بعير ، وترفع الشحناء ، والتباغض ، وتنزع حمة كل ذات حمة ،
حتى يدخل الوليد يده في في الحية ، فلا تضره ، وتفر الوليدة الأسد ، فلا يضرها ، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها ،
وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء ، وتكون الكلمة واحدة ، فلا يعبد إلا الله ، وتضع الحرب أوزارها ،
وتسلب قريش ملكها ، وتكون الأرض كفاثور الفضة ، تنبت نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ،
ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ، ويكون الثور بكذا وكذا من المال ، وتكون الفرس بالدريهمات " ،
قالوا : يا رسول الله وما يرخص الفرس ؟ قال " لا تركب لحرب أبدا " ، قيل له : فما يغلي الثور ؟ قال " تحرث الأرض كلها ،
وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد ، يصيب الناس فيها جوع شديد ،
يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ،
ثم يأمر السماء ، في الثانية فتحبس ثلثي مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ،
ثم يأمر الله السماء ، في السنة الثالثة ، فتحبس مطرها كله ، فلا تقطر قطرة ،
ويأمر الأرض ، فتحبس نباتها كله ، فلا تنبت خضراء ، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت ، إلا ما شاء الله " ،
قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟ قال " التهليل ، والتكبير ، والتسبيح ، والتحميد ، ويجرى ذلك عليهم مجرى الطعام " ،
قال أبو عبد الله : سمعت أبا الحسن الطنافسي ، يقول : سمعت عبد الرحمن المحاربي ، يقول :
" ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب ، حتى يعلمه الصبيان في الكتاب " *
سنن ابن ماجة