بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لاتزال رحلتنا مستمره مع هذا التاريخ المشرف
حتى نصل بإذن الله الى الدوله العاثمانيه،،
توقفنا سابقا عند الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف
ونكمل اليوم ..........
منزلته عند الصحابة
كان عمر بن الخطاب يرجع إليه في أمور كثيرة، ومما روي منها دخول البلد التي نزل بها الطاعون، وأخذ الجزية من المجوس، وكان عمر يقول: ((عبد الرحمن سيد من سادات المسلمين))، وكان عبد الرحمن أحد الستة الذين اختارهم عمر لخلافته، وأرتضاه الصحابة جميعاً حكماً بينهم لاختيار خليفة لعمر.
روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن المسور بن مخرمة (صحابي وابن أخت عبد الرحمن): بينما أنا أسير في ركب بين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن قدامي عليه خميصة سوداء، فقال عثمان: من صاحب الخميصة السوداء؟ قالوا: عبد الرحمن بن عوف، فناداني عثمان يا مسور، قلت : لبيك أمير المؤمنين، فقال: ((من زعم أنه خير من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الثانية الآخرة فقد كذب)).
أزواجه وأولاده
كان له من الولد سالم الأكبر ومات في الجاهلية وأم القاسم وأمهم أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة.
ومحمد وإبراهيم وإسماعيل وحميد وزيد وحميدة وأمة الرحمن الكبرى وأمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
ومعن وعمر وأمة الرحمن الصغرى أمهما سهلة بنت عاصم بن عدي.
وعبد الله أمه بنت أبي الخشخاش.
وعثمان وأمه غزال بنت كسرى.
وأم يحيى أمها زينب بنت الصباح.
وجويرية أمها بادنة بنت غيلان.
وعروة الأكبر أمه بحرية بنت هانئ.
وعبد الرحمن أمه أسماء بنت سلامة.
وسالم الأصغر "أبو سلمة الفقيه" أمه تماضر بنت الأصبغ.
سُهيل بن عبد الرحمن أمه مجد بنت يزيد.
ومصعب وأمية ومريم وأمهم أم حريث من سبي بهراء.
وأبو بكر أمه أم حكيم بنت قارظ.
وعروة الأصغر ويحيى وبلال لأمهات أولاد.
وفاته
توفي عبد الرحمن سنة ثلاث وثلاثين للهجرة في بلاد الشام، وصلى عليه أمير المؤمنين الخليفة عثمان بن عفان، وأرادت أم المؤمنين أن تخُصَّه بشرف لم تخصّ به سواه، فعرضت عليه قبل وفاته أن يُدفن في حجرتها إلى جوار الرسول وأبي بكر وعمر، لكنه استحى أن يرفع نفسه إلى هذا الجوار، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن إلى جوار صاحبه
سعد بن ابي وقاص
مولده ونشأته
ولد في مكة سنة 23 قبل الهجرة. نشأ سعد في قريش، سادة العرب وأعزهم، واشتغل في بري السهام وصناعة القسي، وهذا عمل يؤهل صاحبه للائتلاف مع الرمي، وحياة الصيد والغزو، وكان يمضي وقته وهو يخالط شباب قريش وساداتهم ويتعرف على الدنيا من خلال معرفة الحجيج الوافد إلى مكة المكرمة في أيام الحج ومواسمها، المتباينة الأهداف والمتنوعة الغايات
نسبه الشريف
أبوه ابن سيد بني زهرة: مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ومالك هذا هو ابن عم آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاً وخال حمزة وصفية ابنا عبد المطلب.
أمه: حمنة بنت سفيان بن أمية الأكبر بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي ابنة عم الصحابي الجليل أبي سفيان لحاً.
فهو من بني زهرة أهل آمنة بنت وهب أم الرسول ، وقد كان الرسول يعتز بهذه الخؤولة فقد ورد أنه كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلا فقال لمن معه: "هذا خالي فليرني أمرؤ خاله".
إسلامه
سعد بن أبي وقاص دخل الإسلام وهو ابن سبع عشرة سنة, وكان إسلامه مبكرا, ويتحدث عن نفسه فيقول: «".. ولقد أتى عليّ يوم, واني لثلث الإسلام"..!!»، يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا إلى الإسلام، وقد أعلن إسلامه مع الذين أعلنوه بإقناع أبي بكر الصديق إياهم, وهم عثمان بن عفان, والزبير بن العوّام, وعبد الرحمن بن عوف, وطلحة بن عبيد الله.
مكانته عند رسول الله
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَنَا؟ قَالَ: (سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ). عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَرِقَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: (لَيْتَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ). قَالَتْ: فَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (مَنْ هَذَا؟). قَالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ! جِئْتُ أَحْرُسُكَ. فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيْطَهُ. عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ). قُلْتُ: لأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زُهْرِيَّةٌ، وَهِيَ: آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، ابْنَةُ عَمِّ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ سَعْدٌ بن ابى وقاص: اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُوْدُنِي، فَمَسَحَ وَجْهِي وَصَدْرِي وَبَطْنِي، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً). فَمَا زِلْتُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَجِدُ بَرْدَ يَدِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى كَبِدِي حَتَّى السَّاعَةَ.
الرامي الأول
يعتبر أول من رمى بسهم في سبيل الله, وأول من رمي أيضا، وأنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد: «" ارم سعد فداك أبي وأمي"..»، ويقول علي ابن أبي طالب:«" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا, فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك أبي وأمي"». كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين, وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه. وكان مجاهداً في معركة بدر وفي معركة أحد.
أحد المبشرين بالجنة
كان الرسول يجلس بين نفر من أصحابه، فرنا ببصره إلى الأفق في إصغاء من يتلقى همسا وسرا، ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة وأخذ الصحاب يتلفتون ليروا هذا السعيد، فإذا سعد بن أبي وقاص آت وقد سأله عبد الله بن عمرو بن العاص أن يدله على ما يتقرب به إلى الله من عبادة وعمل فقال له لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد، غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوء
محاولات رده عن الإسلام
أخفقت جميع محاولات رده وصده عن الإسلام، فلجأت أمه إلى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه إلى وثنية أهله وذويه. لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب, حتى يعود سعد إلى دين آبائه وقومه, ومضت في تصميم مستميت تواصل إضرابها عن الطعام والشراب حتى وصلت على الهلاك. وحين كانت تشرف على الموت, أخذه بعض أهله إليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت. وذهب سعد ورأى مشهد أمه وهي تتعذب ولكن إيمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل شيء, وقال لها: «" تعلمين والله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس, فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء. فكلي ان شئت أو لا تأكلي".» وعدلت أمه عن صومها، ونزل الوحي يحيي موقف سعد, ويؤيده فيقول:
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{15}(سورة لقمان)
الدعوة المجابة
كان سعد بن أبي وقاص إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء أجابه، وكان الصحابة يردون ذلك لدعوة الرسول له اللهم سدد رميته، وأجب دعوته ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعلي والزبير فنهاه فلم ينته فقال له إذن أدعو عليك فقال الرجل أراك تتهددني كأنك نبي !فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا للهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبه إياهم، فاجعله آية وعبرة فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدور ناقة نادّة لا يردها شيء، حتى دخلت في زحام الناس ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها، وما زالت تتخبطه حتى مات
غزوة أحد
شارك في أحد وتفرق الناس أول الأمر عن رسول الله ووقف سعد يجاهد ويقاتل فلما رآه الرسول يرمي جعل يحرضه ويقول له يا سعد إرم فداك أبي وأمي وظل سعد يفتخر بهذه الكلمة طوال حياته.
معركة القادسية
خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل ولقاء الفرس المجتمعين في أكثر من مائة ألف من المقاتلين المدربين المدججين بأنواع متطورة من عتاد وسلاح ويتولى قيادة الفرس رستم، وقبل المعركة كانت الرسائل بين سعد وأمير المؤمنين الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب ومنها:
«" يا سعد بن وهيب..
لا يغرّنّك من الله, أن قيل: خال رسول الله وصاحبه, فان الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته.. والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء.. الله ربهم, وهم عباده.. يتفاضلون بالعافية, ويدركون ما عند الله بالطاعة. فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث إلى أن فارقنا عليه, فألزمه, فانه الأمر." ثم يقول له: " اكتب اليّ بجميع أحوالكم.. وكيف تنزلون..؟ وأين يكون عدوّكم منكم.. واجعلني بكتبك إلي كأني أنظر إليكم"..!! »
ويكتب سعد إلى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه. وقد أوصى عمر سعد بدعوتهم إلى الإسلام، وينفذ سعد وصية عمر, فيرسل إلى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه إلى الله والى الإسلام.
الحوار مع رستم
بعث سعد جماعة من السادات منهم: النعمان بن مقرن، وفرات بن حبان، وحنظلة بن الربيع، وعطارد بن حاجب، والأشعث بن قيس، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن معد يكرب، فدخلوا عليه، وقد زّينوا مجلسه بالنَّمارق المُذْهَبة والزرابيّ الحريرَيّة وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة، والزينة العظيمة، وغير ذلك من الأمتعة الثمينة وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت. فقال رستم: ائذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فحرق عامتها. فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لتدعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضي إلى موعود الله. قالوا: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي. فقال رستم: قد سمعت مقالتكم، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟قال: نعم !كم أحب إليكم؟ يوماً أو يومين؟ قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا رؤساء قومنا. فقال: ما سن لنا رسول الله أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك وأمرهم، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل. فقال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم. فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل؟ فقالوا: معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا، تدع دينك إلى هذا الكلب أما ترى إلى ثيابه؟ فقال: ويلكم لا تنظرون إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي، والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل، ويصونون الأحساب.
وبعث سعد أكثر من رسول لحوار رستم، وكان المرض قد اشتد على سعد وملأت الدمامل جسده حتى ما كان يستطيع أن يجلس, فضلا أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة، عندئذ وقف في جيشه خطيبا, مستهلا خطابه بالآية الكريمة: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]، وبعد فراغه من خطبته, صلى بالجيش صلاة الظهر, ثم استقبل جنوده مكبّرا أربعا: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. وأستطاع جيش سعد هزيمة الفرس وقائدها رستم ووصل الجيش إلى المدائن.
موقعة المدائن
كانت موقعة المدائن, بعد موقعة القادسية بقرابة عامين, جرت خلالهما مناوشات مستمرة بين الفرس والمسلمين, وقد استطاع سعد هزيمة الفرس بقيادة الجيش لعبور نهر دجلة وجهز كتيبتين، الأولى: واسمها كتيبة الأهوال وأمّر سعد عليها عاصم بن عمرو التميمي والثانية: اسمها الكتيبة الخرساء وأمّر عليها القعقاع بن عمرو التميمي وقد نجحا في العبور وهزيمة الفرس.
إمارة العراق
ولاه عمر إمارة العراق، فراح سعد يبني ويعمر في الكوفة، وذات يوم اشتكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين فقالوا إن سعدا لا يحسن يصلي ويضحك سعدا قائلا والله إني لأصلي بهم صلاة رسول الله، أطيل في الركعتين الأوليين وأقصر في الآخرين واستدعاه عمر إلى المدينة فلبى مسرعا، وحين أراد أن يعيده إلى الكوفة ضحك سعدا قائلا أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة ؟!ويؤثر البقاء في المدينة
الستة أصحاب الشورى
عندما حضرت عمر الوفاة بعد أن طعنه المجوسي جعل الأمر من بعده إلى الستة الذين مات النبي وهو عنهم راض وأحدهم سعد بن أبي وقاص، وقال عمر إن وليها سعد فذاك، وإن وليها غيره فليستعن بسعد
اعتزاله الفتنة
اعتزل سعد في الفتنة الكبرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان, وأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا إليه شيئا من أخبارها، وقد ذهب إليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص, ويقول له: يا عم, ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر. فيجيبه سعد : " أريد من مائة ألف سيف, سيفا واحدا، إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا, وإذا ضربت به الكافر قطع". فيتركه وعزلته. وحين انتهى الأمر لمعاوية بعد الاتفاق الشائك الذي تم بعد معركة صفين واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا: مالك لم تقاتل معنا..؟؟ فأجابه:" إني مررت بريح مظلمة, فقلت: أخ.. أخ..، وإتخذت من راحلتي حتى انجلت عني.."
فقال معاوية: ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله: (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا, فأصلحوا بينهما, فان بغت إحداهما على الأخرى, فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله). وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة, ولا مع العادلة على الباغية. أجابه سعد -رضي الله عنه- قائلا: " ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي".
وفاته وقبره
لدى ويكي مصدر نص أصلي يتعلق بهذا المقال: سعد بن أبي وقاص
عمر سعد بن أبي وقاص كثيرا وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير لكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية وقال كفنوني بها فإني لقيت بها المشركين يوم بدر وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا وكان رأسه بحجر ابنه الباكي فقال له ما يبكيك يا بني ؟ إن الله لا يعذبني أبدا، وإني من أهل الجنة فقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله كبيرا وكانت وفاته سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية وكان آخر المهاجرين وفاة، ودفن في البقيع
ابي عبيده بن الجراح
هو عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي ويكنى بأبي عبيدة أمين هذه الأمة (أمة الإسلام).
نسبه
أبوه: عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهَيْب بن ضَبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وكان عبد الله هذا شقياً من أعداء الله قتله ابنه أبو عبيدة في غزوة بدر
أمه: أمَيْمة بنت عثمان بن جابر بن عبد العزى بن عامرة بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
حياته العطرة
أحد السابقين الأولين إلى الإسلام أسلم على يد أبي بكر الصديق في الأيام الأولى للإسلام. هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية. وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح». يعد من أحد العشرة المبشرين بالجنة.
قاد غزوة الخبط عندما أرسله النبي محمد صلى الله عليه وسلم أميرا على ثلاث مائة وبضعة عشرة مقاتلا ومعهم قليل من الزاد وعندما نفد الزاد راحوا يتصيدون الخبط أي ورق الشجر فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط. كما كان أحد القادة الأربعة الذين اختارهم أبو بكر لفتح الشام وهم: يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح. عينه عمر بن الخطاب قائدا عاما على جيوش الشام. لاقى أباه مع صف المشركين في بدر فنازله وقتله.
شارك في معركة اليرموك وقد أمره الخليفة عمر بن الخطاب على الجيش بدلا من خالد بن الوليد ولكنه أخفى أمر الأمارة عن خالد إلى أن انتهى خالد من المعركة محرزا النصر ثم أعلمه بأمر عمر فسأله خالد: «يرحمك الله أباعبيدة، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب؟» فأجاب أبوعبيدة: «إني كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة».
قال عنه عمر بن الخطاب وهو يجود بأنفاسه: «لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته فإن سألني ربي عنه قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله». وقال عنه: «لو كنت متمنيا ما تمنيت إلا بيتا مملوءا برجال من أمثال أبي عبيدة».
من أشهر ما قال أبو عبيدة بن الجراح خطبته في أهل الشام وهو أميرهم:
«يا أيها الناس إني مسلم من قريش وما منكم من أحد، أحمر، ولا أسود، يفضلني بتقوى إلا وددت أني في إهابه».
لقبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بـ(أمين الأمة) في حديثه:
روي عن أنس بن مالك في المسند الصحيح :
أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالوا : ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام . قال ، فأخذ بيد أبي عبيدة فقال " هذا أمين هذه الأمة
سعيد بن زيد
الصحابي سعيد بن زيد، هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل بن عبد العُزّى بن رياح بن قُرط بن رَزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، القُرشي العَدَويُّ، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قبل أن يدخل الرسول دار الأرقم
نسبه الشريف
أبوه: زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وزيد هذا هو ابن عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكان على دين إبراهيم.
أمه: فاطمة بنت نعجة بن مليح الخزاعية. وخزاعة هذا هو ابن ربيعة بن عمرو مزيقياء بن عامر بن حارثة بن امرؤ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن مالك بن كهلان بن قحطان.
إسلام والده وإسلامه
كَانَ وَالِدُهُ زَيْدُ بنُ عَمْرٍو مِمَّنْ فَرَّ إِلَى اللهِ مِنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَسَاحَ فِي أَرْضِ الشامِ يَتَطَلَّبُ الدِّيْنَ القَيِّمِ، فَرَأَى المسيحيين وَاليهود، فَكَرِهَ دِيْنَهُمْ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي عَلَى دِيْنِ إبراهيم، وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِشَرِيْعَةِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- كَمَا يَنْبَغِي، وَلاَ رَأَى مَنْ يُوْقِفُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجَاةِ"، فَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ بِأَنَّهُ: يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الإِمَامِ عمر بنِ الخطابِ، رأَى النَّبِيَّ وَلَمْ يَعِشْ حَتَّى بُعِثَ.
قَالَ سَعِيْدٌ: "فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ وَبَلَغَكَ، وَلَو أَدْرَكَكَ لآمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ، فَاسْتَغْفِرْ لَهُ. قَالَ: (نَعَم، فَأَسْتَغْفِرُ لَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ).
أَسْلَمَ سَعِيْدٌ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ دَارَ الأَرْقَمِ. وشهد المشاهد مع رسول الإسلام، وشهد حصار دمشق وفتحها، فولاّه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة.
وامرأة سعيد هي ابنة عمه فاطمة أخت عمر بن الخطاب، وأخته عاتكة زوجة عمر. أسلم قبل دخول النبي دار الأرقم، وهاجر مع زوجته، وكانا من سادات الصحابة.
لم يشهد معركة بدر لأنه قد كان بعثه رسول الله هو وطلحة بن عبيد الله بين يديه يتجسسان أخبار قريش فلم يرجعا حتى فرغ من بدر فضرب لهما رسول الله بسهمهما وأجرهما، وشهد أحداً وغزوة الخندق وصلح الحديبية والمشاهد.
تبشيره بالجنة
وردت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة ومنها :
عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة " أخرجه أحمد والترمذي والبغوي
فاتحة خير
كان لسعيد بن زيد دور في إسلام عمر بن الخطاب، فعن أنس بن مالك قال: خرج عمر بن الخطاب متقلداً السيف فلقيه رجل من بني زهرة فقال له: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمداً. قال: وكيف تأمن من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمداً؟ قال عمر: ما أراك إلا وقد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه. فقال له: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك أي زوج أختك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. فمشى عمر حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب. فلما سمع خباب صوت عمر توارى في البيت. فدخل عمر عليهما فقال: ما هذه الهيمنة التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرؤون (طه). فقالا: ما عدا حديثاً حدثناه بيننا.
قال عمر: لعلكما قد صبوتما؟ فقال له زوج أخته: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عليه عمر فقيده ووطئه وطئاً شديداً. فجاءت أخته تدافع عن زوجها. فنفحها بيده نفحة فأدمي وجهها. فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً رسول الله.
فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه وكان عمر يقرأ الكتاب فقالت له أخته: إنك نجس ولا يمسه إلا المطهرون. فقم فاغتسل أو توضأ. فقام عمر وتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ فيه: “طه. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. إلا تذكِرة لمن يخشى. تنزيلاً ممن خلق الأرض والسماوات العلى. الرحمن على العرش استوى. له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى. وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى. الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى. وهل أتاك حديث موسى. إذ رأى ناراً فقال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى. فلما أتاها نودي يا موسى. إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى. وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى. إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري”.
ولما انتهى عمر إلى قول القرآن: “إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري” قال: دلوني على محمد. فلما سمع خُباب قول عمر خرج فقال: أبشر يا عمر. فإني أرجو أن تكون دعوة الرسول لك ليلة الخميس إذ قال: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام. فانطلق عمر إلى الدار التي كان بها الرسول. وعلى باب الدار كان حمزة بن عبدالمطلب وطلحة بن عبيدالله ما وأناس آخرون من أصحاب رسول الله. فلما رأى حمزة وجل الناس من عمر قال: نعم. فهذا عمر. فإن يُرد الله بعمر خيراً يسلم ويتبع النبي. وإن يُرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً. وكان النبي بالداخل يوحى إليه. فخرج فأخذ بمجامع عمر وحمائل سيفه فقال: أما أنت منته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب. اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب. فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.
أما البيت الذي شهد خروج عمر بن الخطاب من ظلام الكفر إلى نور الإسلام فهو بيت أخته فاطمة بنت الخطاب (أم جميل). وأما زوجها فهو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. وهو إلى كونه ختن عمر بن الخطاب ابن عمه. وهو أحد العشرة المبشرين الجنة. وأحد الذين تظلهم الآيات القرآنية التي تشيد بالمهاجرين المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. ومن هذه الآيات قول القرآن: “الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون. يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم”.
وقول القرآن: “والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقاً حسناً وإن الله لهو خير الرازقين”.
نشأته في كنف أبيه
لم يكن غريباً أن يكون سعيد بن زيد من السابقين إلى الإسلام منذ البداية. فقد نشأ سعيد في حجر أبيه زيد بن عمرو بن نُفيل. وكان زيد من الذين نفروا من عبادة الأصنام والأوثان واتصل بأحبار اليهود وقساوسة الالمسيحيين بحثاً عن الدين الحق. واستقر على دين الحنيفية دين إبراهيم من قبل أن يُبعث النبي. وقد أخرج ابن سعد في طبقاته عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ما قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل يقول وهو مسند ظهره إلى الكعبة: يا معشر قريش ما منكم اليوم أحد على دين إبراهيم غيري.
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً مسنداً ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش! والله ما فيكم أحدٌ على دين إبراهيم غيري. وكان يحي الموؤودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: مه! لا تقتلها. أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت، دفعتها إليك، وإن شئت، كفيتك مؤنتها.
وكان زيد بن عمرو ينتظر ظهور النبي. عن عامر بن ربيعة قال: لقيت زيد بن عمرو وهو خارج من مكة يريد حراء. فقال: يا عامر. إني فارقت قومي واتبعت ملة إبراهيم وما كان يعبد إسماعيل من بعده. وأنا انتظر نبيا من ولد إسماعيل ثم من ولد عبدالمطلب. وما أراني أدركه. وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي. فإن طالت بك مدة فأقرئه مني السلام. ولما أسلمت أقرأت النبي منه السلام فرد عليه وترحم عليه وقال: رأيته في الجنة يسحب ذيولاً. ومن ثم فقد كان الصحابة يترحمون عليه عندما يرد ذكره. ولقد سأل سعيد بن زيد وعمر بن الخطاب النبي عن زيد بن عمرو فقال: “غفر الله لزيد بن عمرو ورحمه فإنه مات على دين إبراهيم”.
عن أسماء أن ورقة كان يقول: اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك، عبدتك به، ولكني لا أعلم، ثم يسجد على راحته.
عن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله وهو مردفي... في أيام الحر، حتى إذا كنا بأعلى الوادي، لقي زيد بن عمرو، فحيّى أحدهما الآخر، فقال له النبي : ما لي أرى قومك قد شنفوا لك، أي: أبغضوك ؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبتغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدُللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته، فقال: إن كل من رأيت في ضلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه واتبعه، فرجعت فلم أحس شيئاً … ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فقال رسول الله : يأتي أمة وحده.
في هذا البيت وتلك البيئة الإيمانية ولد ونشأ سعيد بن زيد فامتلأ قلبه بالإيمان. فلما بعث النبي كان سعيد من السابقين إلى الإسلام. وكان إسلامه وزوجته سبباً في إسلام عمر بن الخطاب على النحو الذي سبق ذكره. وكان سعيد من المهاجرين بدينهم. وشهد الوقائع كلها في عهد النبي عدا غزوة بدر. فقد كان النبي قد أرسله وطلحة بن عبيدالله إلى الشام ليأتياه بخبر عن قريش. فلما عادا من مهمتهما كان النبي قد خرج لملاقاة المشركين في بدر. فتوجها إليه فوجداه منصرفاً والمسلمون من بدر وقد نصرهم الله. فضرب النبي لهما بسهامهما كمن شهدوا بدراً.
جهاده وزهده
كان محبوباً من النبي. وظل يجاهد مع النبي حتى لحق النبي بالرفيق الأعلى فواصل جهاده مع الخلفاء الراشدين حتى وافته المنية في عهد معاوية بن أبي سفيان. وفي عهد عمر بن الخطاب شهد موقعة اليرموك وفتح دمشق وأبلى في المعارك بلاءً حسناً. وحين سأل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح عن أحواله بعث إليه بكتاب جاء فيه: أما عن أخويك سعيد بن زيد ومعاذ بن جبل فكما عهدت. إلا أن السواد زادهما في الدنيا زهداً وفي الآخرة رغبة.
ويصف سعيد بن زيد معركة اليرموك قائلاً: لما كان يوم اليرموك كنا أربعة وعشرين ألفاً ونحواً من ذلك. فخرجت لنا الروم بعشرين ومائة ألف. وأقبلوا علينا بخطى ثقيلة كأنهم الجبال تحركها أيد خفية. وسار أمامهم الأساقفة والبطاركة والقسيسون يحملون الصلبان وهم يجهرون بالصلوات فيرددها الجيش من ورائهم وله هزيم كهزيم الرعد. فلما رآهم المسلمون على حالهم هذه هالتهم كثرتهم وخالط قلوبهم شيء من خوفهم. عند ذلك قام أبو عبيدة فخطب في الناس وحثهم على القتال. عند ذلك خرج رجل من صفوف المسلمين وقال لأبي عبيدة: إني أزمعت على أن أقضي أمري الساعة. فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول الله؟ فقال أبو عبيدة: نعم. تقرئه مني ومن المسلمين السلام وتقول له: يا رسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً.
قال سعيد: فما إن سمعت كلامه ورأيته يمتشق حسامه ويمضي إلى لقاء أعداء الله حتى اقتحمت إلى الأرض وجثوت على ركبتي وأشرعت رمحي وطعنت أول فارس أقبل علينا. ثم وثبت على العدو وقد انتزع الله كل ما في قلبي من الخوف. فثار الناس في وجوه الروم. وما زالوا يقاتلونهم حتى كتب الله للمؤمنين النصر.
ولما دانت دمشق بالولاء للمسلمين جعل أبو عبيدة بن الجراح قائد جيوش المسلمين والياً عليها. فكان أول من ولي إمرة دمشق من المسلمين. غير أنه كان زاهداً في الحكم كما هو زاهد في المال. فكتب إلى أبي عبيدة وهو في الأردن يعتذر عن عدم الاستمرار في المنصب ويطلب اللحاق به للجهاد. فلما بلغ الكتاب أبا عبيدة استجاب لرغبته.
استجابة دعوته
بسبب هذه السجايا الحميدة والفضائل النادرة والزهد في مطامع الدنيا والرغبة في الآخرة كان سعيد بن زيد مستجاب الدعوة. فيروى عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن أروى بنت أويس زعمت أن سعيد بن زيد قد غصب شيئاً من أرضها وضمها إلى أرضه. وجعلت تلوك ذلك في المدينة. ثم رفعت أمرها إلى مروان بن الحكم والي المدينة. فأرسل إليه مروان أناساً يكلمونه فتساءل سعيد في دهشة: كيف أظلمها وقد سمعت رسول الله يقول: “من ظلم شبرا من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين”.قال مروان : لا أسألك بينة بعد هذا، ثم دعا عليها فقال: “اللهم إنها قد زعمت أني ظلمتها. فإن كانت كاذبة فأعم بصرها وألقها في بئرها الذي تنازعني فيه. وأظهر من حقي نوراً يبين للمسلمين أني لم أظلمها”. وبعد قليل فاض وادي العقيق في المدينة بسيل عرم فكشف عن الحد الذي كانا يختلفان فيه. وظهر للمسلمين أنه كان صادقاً. ولم تلبث المرأة إلا شهراً حتى عميت. وبينما هي تطوف في أرضها تلك سقطت في بئرها فماتت فتحدث الناس في ذلك.
وعندما توفي عمر بن الخطاب بكاه سعيد بن زيد بشدة فقيل له: ما يبكيك؟ قال: لا يبعد الحق وأهله. اليوم يهن أمر الإسلام. وأخرج ابن سعد في طبقاته قال: بكى سعيد بن زيد عند وفاة عمر فقال له قائل: يا أبا الأعور ما يبتليك؟ فقال: على الإسلام أبكي، وإن موت عمر ثلم ثلمة لا ترق إلى يوم القيامة.
وقد ذكره النبي في العشرة المبشرين بالجنة في حديثه لأم المؤمنين عائشة ا إذ قال: “.. وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة”.
وفاته
مات سعيد بن زيد بالعقيق، فغسله سعد بن أبي وقاص، وكفنه، وخرج معه. توفي سعيد سنة إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة، ودفن بالمدينة المنورة