حدث إن وقعت معركة بين سبيع والمصارير من الدواسر وانكسر المصارير وقتل بعضهم .
وبعدها بفترة مر الأمير عامر بن بدارن أمير قبيلة الدواسر في ذلك الوقت بصبية من المصارير وهم يلعبون في عتمة الليل وجمع ملابسهم التي يفصخونها عند لعبة ((عظيم لاح وشق القنا ))كعادة ذلك الزمان وأخذها عنده وعندما يأتي الصبي ليأخذ ملبسة ,
يقول له : مداعب من أبوك عنده
فيقول : عند سبيع
فيقول : خذ ثوبك وأنا أبوك ( لا شريت صفرا فأبشر بعفرا)
ثم يأتي الثاني : فيقول من أبوك عنده
فيرد الصبي : عند آل فلان من سبيع.
وبعدها عزم الأمير عامر بن بدران بالأخذ بالثار لهؤلاء الصبيان ،وقد وفا بوعده لهم وأصبحو مشهورين بالعشر المردف في معركة برك الشهيرة وتلك من حنكته رحمه الله , وقرر ابن بدران على أخذ الثأر فجمع الجموع واستنفر الدواسر أهل الوادي وعقدوا النية على غزو سبيع ومن معهم في وادي((برك)) وكانو في وقت شتاء ، وسارت جموعهم و مروا بمنطقة ((قرون)) وكان يقيم فيها الأمير ناصر الودعاني وكان ابن بدران خاله ، ونزل ابن بدران والجموع عند ناصر ، وكان ناصر لايعلم شيئاً عن وجهتهم او مقصدهم , وبعدها بيوم شدوا من عند ناصر المبيعيج ولم يخبروه بوجهتهم , وبعد ان ابعدوا قليلا من المبيعيج أرسل ابن بدران أحدا ليتفقد أحوال ناصر ، وقال له : إذا لقيته نايم فخله وارجع ، وإذا لقيته واعي وجالس عند الضو وسهران فرح له وخبره بالعلم وخله يلحقنا , فذهب المرسول خفية إلى بيت ناصر المبيعيج ووجده سهرانا وجالس على جال الضو وهو محتار ويفكر الى أين توجه خاله ومن معهم من الرجال وينشد هذه الأبيات:
ياسدرة المغنى اللي على مشرع الصفا
فـي جـال مخضرجنـاب( قـرون)
بنشدك ماشفتي هل الجـود والصخـا
اللـي لهـم كـود الأمـور تـهـون
شدوا وخلونـي أجـاذب هضايمـي
تحملت مـن كثـر الغبـون أغبـون
ونيـت ونـات تحطـم لهـا الحشـا
وهلـت غزيـرات الدمـوع عيـون
أقفو وأنـا عينـي تخايـل أضعونهـم
ضعايـن قفّـت تـلاهـا أضـعـون
اقفوا هل الشيمـات يـادار وانتحـوا
الـى ويـن يـا وادي قـرون يبـون
اقفـو كمـا نـوٍ حقـوقٍ مخايـلـه
وبلـه وبـرقـه للـعـدات مـنـون
مـع البـيـدا تـبـارى اضعونـهـم
يقـودون طوعـات الرقـاب بهـون
لاكـن أرقـاب الزايديـات بالـحـن
رقـاب المهـا لولادهـن أصـفـون
يتلون نزال الخطـر مرهـب العـدى
عامـر لصعبـات الأمـور زبــون
خالـي ولا غيـره عزيـز رجيـتـه
أرجيـه رجـو الممحليـن قــرون
ان صـاح صيـاح نـذيـر لقيتـهـم
على سروج طوعات المهـار يجـون
ترعى بهم جـرد الرقـاب و تنثنـى
ولهـا صهيـل المرهفـات الـحـون
لاكن خرير الدم من ضـرب شلفهـم
كما ناضح المـا مـن عيـون شنـون
ياليتنـي معهـم علـى كـور وجنـا
ويبـرى لهـا وقـم الـربـاع ودون
مـن عقبهـم يـادار لا علـك الحيـا
ولا أخضرت بك بالسنيـن اغصـون
فلما سمع المرسول قصيدته ذهب إليه واخبره انه مرسل من خاله عامر بن بدران ويطلب منهم اللحاق بهم واخبره بالعلم , ففرح ناصر ولحقهم باليوم التالي ومن معه , وسارت الجموع إلى إن وصلوا إلى وادي برك وكانوا قد أطال ابن بدران في السير حتى أتعب من معه وعندما وصلوا إلى مشارف برك طلب بعض الدواسر من الشيخ ناصر (المبيعيج) الودعاني بأن يذهب إلى خاله (عامر) ويقنعه بالإستراحه بسبب المسافة التي قطعوها ولبرودة الجو ، فذهب ناصر الى خاله في مقدمة الجيش فوجده على فرسه يحرك طرف عمامته يروح عن نفسه لشدة الحر وعرقة يتصبب ووجده ابن اخته يناجي نفسه ويقول كلمته المشهورة : (( توســــــــــع يابـــــــــرك توســـــــــع يابـــــــــرك ))
لشدة غضبه وحرارة انتقامه وإمعانه في تدبير المعركة تصبب عرقاً في تلك الليلة الباردة , وعندما اقترب الدواسر من مضارب سبيع ، عزم ابن بدران على تصبيحهم يوم العيد , وقد لمح أحد صناع سبيع من بعيد خيل ابن بدران وكانت صفر ( أي بيض ) ، وذهب ليخبر سبيع وهم يعرفون أن خيل ابن بدران صفر فقالوا له أن ما رأيته ربما يكون صفقة قطيع من الوضيحي ، ولن يقطع الدواسر هذه المسافة للمجئ إلينا وشككوا بخبره , لكن الصانع عزم الا يسرح ابله باليوم التالي خوفا عليها , وفي يوم العيد استعد الدواسر للهجوم على سبيع وأمر ابن بدران فقط (( لاد الحبيبي المصارير )) على عشر مردوفة بالهجوم وخط خطاً وأمر الدواسر الباقين ألا يتعدوه , فهجم أبناء المصارير وابلوا بلاء ً حسناً وكانوا كلما اقتربوا من ابل الأعداء كانوا يردونهم
وكلما اقتربوا بالابل ردوهم فرسان سبيع ، وما كان من ناصر المبيعيج إلا إن بعج الخط وانقض ومن خلفه الدواسر كلهم , ومن يومها لقب ناصر (( بالمبيعيج )) , واشتبكوا مع سبيع ومن معهم وحصلت معركة عظيمة انتصر فيها الدواسر وقتل من سبيع مقتلة عظيمة وغنموا الكثير من الغنائم.
وكان هناك وحده سبيعيه يقال لها وسيم العامرية ، كان لها تسعة أخوة وسبعة أبناء ، وكان جارتها لديها فقط ابن واحد ، وكانت دائماً تعاير جارتها بأنه اذا حدثت معركة فهي يالتأكيد تضمن بقاء أحد من أبناءها أما هي فليس ليدها الا ابن واحد مقلوع لا تضمن حياته , وشاءت الأقدار بأن يقتل أخوان وسيم العامرية التسعة وأبناءها السبعة في تلك المعركة في حين عاش ابن جارتها الوحيد , وبعد هذه المعركة وفقد وسيم العامرية أبناءها وأخوتها أنشدت هذه القصيدة:
قالت وسيـم العامريـة واشرفـت
عند الضحى والدمـع غـادي بدايـد
على تسعة أولاد مـع سبعـة اخـوة
في ورد سمحيـن الوجيـه آل زايـد
يـا طـول مابيتـي مـرب لهجمـة
واليوم تومـي بـه هبـوب الشدايـد
اهل سبق مع حـرب خيـل وهجمـة
وهلهـا مضرينهـا بلفـح الجرايـد
والله لـولا ذلتـي تشـمـت الـعـدا
وتستـر بالفرقـا اكـبـود غـدايـد
لأعوي عوا السرحان فـي جرهديـة
واعـوي عـواه بنايفـات الفـرايـد
بشر غـدا عنـد المبيعيـج ناصـر
غدا بينهـم يـوم اختـلاف الوعايـد
فنا أصبر من صماصموك على الصفا
صبور الـى شبـوا عليهـا الوقايـد
والقصيدة مذكورة بكتاب من ادابنا الشعبية في الجزيرة العربية لمنديل الفهيد الجزء الثاني ومذكور سبب القصيدة انها عندما انتصر الدواسر على سبيع , وبما ان العامرية مدحت الدواسر ، كافئها الدواسر بان اعطوه ثمار نخيل تأتي سنويا لاتاخذ محصوله واعطوها النخيل اللي على راس الساقي اي التي تشرب ماي كثير فيكون ثمرها احسن ثمر, فكانت تأتي كل عام بجمالها وتحملها من ثمار نخلها جزاء لها .
ويقول الشاعر شلعان بن ظافر رحمه الله :
ومـن سوالفنـا وسيـم العامـريـه يوم صاحت صيحةٍ يصـرخ نداهـا
هـزت الـوادي وهزتنـا الحميـه عقب فجعتها عطيناها ولانبغي جزاها
وهنا تحضرني أبيات من قصيدة لحشان بن مسرع ابو فقايا اليـامي في مدح معالي الأمير خالد بن احمد السديري رحمه الله ، تطرف فيها على معركة برك الشهيرة :
عيال الشهم ابن بدران حمال الشرف
والتـاج زعيم القوم راعي افعال وخيول يسرجهـا
وسيوف مرهفة ترمي علفها من علي الاسراج
تشوق العين ذي حديـن صانعهـا ومعوجهـا
نخي في الزايدية ثم جمعهم من ورا الافـلاج
وتقدم فـي جمـوع مثـل ضلعـان يدرجهـا
بليـل بـارد يفـوح راسـه كنـه الـهـداج
ويقول ابنا اتسع يابرك قد ضاقت مناهجها
وقام يصول عرض وطول لين الصبح انبـاج
وهجم هجمة ذياب اللي على العدوان ناسجهـا
هزم الا عدا وشتتهـا ولا ذت الفـرار ازواج
بعد تنسيقه بتخطيـط والبعـاج باعجهـا
1- ابن بدران : المقصود الأمير عامر بن بدران
2- إشارة إلى سالفة (( توسع يابرك )).
3-إشارة إلى بعج ناصر الودعاني للخط الذي خطه خاله.