رد ابن مروي
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية عطرة صادقة الذي يتيح المجال لكل الأراء ولجميع الباحثين وان اختلفوا في أطروحاتهم, وهذ النهج دليل واضح على سعة أفق ورحابة صدر القائمين عليه وإيمانهم أن حرية الفكر حق مشروع لكل شخص, وأن تعدد الأقوال فيه إثراء للبحث العلمي ونقلة فاعلة في التجديد ومحاربة للجمود وعدم الركون إلى اجتهادات شخصية قديمة لا تفي بالغرض المنشود.
وهذا ما كنت أدعو إليه دائماً بمواصلة البحث والتحقيق وتحريك المادة العلمية من قالبها التقليدي القديم إلى قالبٍ أكاديميٍ علميٍ يصبُّ في مصلحة الجميع وإن اختلف رأي أهل هذه الأطروحات,لأنه كما يُقال: إذا حصل التواطؤ على الخرافة, وحصل التعصب على نشر الحق, وطالت مدة هذه العصبية, فستحصل الاستفاضة العاميّة بلا ريب, فحيثما تغيب الحقيقة تحل الخرافة...
أما ما يخص الرد أيها القراء الكرام: فقد سبق وأن نشر السناح رداً في بعض المنتديات باسم الرد على شاهر الأصقه وأشار إلى اسمي في ثناياه وذلك في منتديات كثيرة منها منتدى الشطر, ولم أفكر أن أرد عليه لأنها وجهة نظر ... ولست مكلفاً بالرد على كل ما يُكتب.
إلا أنه في هذه المرة جاء ونشرها في هذا المنتدى بعنوان: ( الرد على منصور بن مروي الشاطري ) وزاد فيها محاولاً التقليل من هذا البحث المحقق الذي جمعت فيه الأقوال القديمة والحديثة, وزاد ذلك بالطعن في مصداقيته, لذا كان هذا الرَّد والتبيين مني موجهاً للقراء الكرام على ما كتبه عبدالعزيز بن سعد السناح الذي قال فيه أولاً:
عندما كانت قبيلة (مطير) في الحجاز مابين مكة والمدينة في ( حرة بني عبدالله ) وماتاخمها من جهة الشرق ناحية عالية نجد كانت تنقسم الى فرعين هما : (بني عبدالله) و(علوى) ويدل على ذلك الوثائق التاريخية وثيقة رقم 1/5 وتاريخ 1185هـ وثيقة رقم 2/4 وتاريخ 1190هـ وثيقة رقم 3/4 وتاريخ 5/10/1200هـ وثيقة رقم 3/5 وتاريخ 1205هـ وثيقة رقم 6/4 وتاريخ 1235هـ وثيقة رقم 7/4 وتاريخ 1236هـ وثيقة رقم 13/5 وتاريخ 1/3/1255هـ والمنشورة في كتاب ( الوثائق المنيرة في المعاملات والجيرة ) للاستاذ الباحث / نايف بن عوض ابن غبن الوسمي, والتي تشير بوضوح لبعض افخاذ (بريه) وشيوخهم بأنهم من( بني عبدالله )من قبيلة مطير.
ج: أقول: لم يحصل التقسيم الذي قال به السناح أبداً وليس هناك دليل عليه ومطير ذكرت قبل تاريخ هذه المخطوطات بأكثر من مئة سنة في شرق ووسط نجد أولها عام 1022هـ وسأذكر ذلك لاحقاً.
أمّـا ما ورد من مخطوطات ورد فيها اتفاق على حل القضايا الحاصلة من دم وعاني وأملاك فقط في ذلك الوقت, ولم يرد فيها اتفاق على تقسيم القبيلة حتى تعتبر وثيقة فيما يخص التقسيم, فلا يُستشهد بها على تقسيم القبيلة إذ لم يكن الهدف منها اتفاق على توثيق تقسيم القبيلة أصلاً, علماً أن الوثيقة تطلق على كل أمر ورد فيه اتفاق حتى وإن كان حديثاً. وليست كل مخطوطة ولو كانت قديمة تعتبر وثيقة إلا بعد أن يرد فيها اتفاق على أمر معيّن ومع ذلك فكل المخطوطات التي ذكرها السناح ليس فيها دليلاً لا من قريب ولا من بعيد يدل بصراحة أو تلميح على أن بريه من بني عبدالله إطلاقاً.
أمَّـا ما ورد في ما يسميه السناح بوثيقة رقم2/4 بشأن شكوى العوارض التي جاء فيها قول سند بن وسميّة:..وبعد ذلك جمعت مباني قبايلنا...عوادة بن شلاح, و درع بن مسيلم, وهزاع ابن عيبان,وحمد الربعي,وعمران البراز..وخضير المسمى.أ.هـ
(فالعوارض من واصل من بريه وعمران البراز من البرزان من واصل من بريه وخضير المسمى من العبيات من واصل من بريه, والباقون من بني عبدالله من بريه.) فما هو دليل السناح من هذه المخطوطة التي جاءت بصيغة الجمع المتعدد(قبايلنا) فليس فيها دليل على أن بريه من بني عبدالله؟!). علماً أن مطير وخاصة واصل ذكروا قبل هذه المخطوطات بأكثر من قرن في وسط وشرق نجد كما ألمحت له سابقاً وسيأتي تفصيل ذلك.
وأمَّـا ما ورد في ما يسميه السناح وثيقة برقم 3/4 فهي بشأن شكوى صعيب الوسمي ضد أهل السويرقية. وفيها ورد قول سند بن وسميَّة:...(وجمعت مباني قبيلتنا واستملينا منهم في قطع العاني بيني وبين صعيب عانيه عليه وعانيّ عليّ أنا يا سند عانيّ كفّيته على بريه, وعاني صعيب على أهل صفينة).أ. هـ.
وكان الحضور هم أنفسهم الذين وردت أسماؤهم في المخطوطة السابقة, فصعيب مسؤول عن أهل قرية صفينة بمن فيها من مطير وغيرهم من القبائل, وسند مسؤول عن بادية بريه حسب قوله,فهذا دليل واضح على أنَّ بني عبدالله من بريه فالمخطوطة الأولى وردت بلفظ ( قبايلنا ), والثانية بلفظ ( قبيلتنا ). ولو كانت بريه من بني عبدالله لقال سند: وأنا عانيّ كفّيته على بني عبدالله, فليس هناك دليل يستدل به السناح على ما ذكره. وهذا الخطأ وقع فيه الباحث نايف بن غبن الوسمي حيث قال إن الوساما من بني عبدالله, وكان يريد من إدخال الوساما في بني عبدالله محاولة إثبات شيخة ابن وسمية على بني عبدالله وهذا ليس بصحيح.
ثم أن ما يتصرف به سند ابن وسمية وغيره من بعده فهو حل القضايا وكتابتها وهو المعروف بأمر الكتابة في ذلك الوقت حتى وإن كانت القضية خارج قبيلة مطير فهو مناط به قضايا صفينة وباديتها على مختلف قبائلها. فإذا اجتمع عند الوسمي أناس وقام بحل قضيتهم أوكتابتها فليس معناه أنه من فخذهم.
في حين أن الوثيقة التي جاءت بعنوان تحالف بنو عبدالله من مطير وبني عمرو من حرب, كان التحالف من كبار بني عبدالله عام1209هـ ورقم 4/5ولم يرد فيهم ولا واحد من واصل لا من الوساما ولا من البرزان ولا من غيرهم من مطير أبداً فهي الدليل القاطع الواضح الصريح على أن بريه ليسو من بني عبدالله. بل إن بني عبدالله فرع من بريه. وهذه الوثيقة تجاهلها السناح لأنها لاتخدمه قوله.
مع العلم أن مطير قد ذكرت في وسط وشرق نجد قبل هذه المخطوطات بأكثر من مئة وخمسين سنة أولها: مناخ العرمة بين الفضول ومطير عام 1022هـ:قال ابن بسام: تناوخ الفضول ومطير ومع الفضول آل كثير وآل مغيرة ومع مطير زعب وهتيم، وذلك أيام الربيع في العرمة، وأقاموا في مناخهم نحو عشرين يغادون القتال ويراوحونه طراداً على الخيل، ثم إنهم مشى بعضهم إلى بعض واقتتلوا قتالاً شديداً، وصارت الهزيمة على مطير وأتباعهم، وغنم الفضول ومن معهم غنائم كثيرة، وقتل من الفريقين عدة رجال فقتل من مشاهير مطير وأتباعهم صلف بن حنيان شيخ البرزان، وراشد بن خلف من شيوخ زعب، ومن الفضول صامل بن هميجان، وكهف بن خلبوص.و منها أخذ مطير لقوافل عنزة عام 1035هـ : قال البسام:خرج الشريف محسن بن حسين بن حسن ابن أبي نمي غازياً إلى جهة الشرق ومعه جنود عظيمة، وصبّح بوادي مطير على نفي وغنم منهم غنائم كثيرة ، ثم رجع إلى مكة. وفيها أخذوا مطير قوافل عنزة على رماح ، وكانت تلك القوافل خارجة من الأحساء، وقٌتل رجال من الفريقين، وممن قتل من مشاهير عنزة:واسم بن وضيحان، ومن مطير فارس الخريبيط ومنها وقعة بين مطير وعنزة في العرمة عام 1047هـ :ذكر ابن بسام في تلك السنة: أن عنزة اكتالوا من الأحساء فلمّا رجعوا صادفهم مطير وسبيع في أرض العرمة... وحصل بين مطير وعنزة قتال شديد قتل فيه عدة رجال من الطرفين، وقتل من مشاهير مطير فدغم بن مشلح الخويطري وشدّيد البرزاني من مطير.(تحفة المشتاق لابن بسام, مخطوط). ومنها مشاركة مطير مع قبيلة الظفير ضد عنزة عام 1061هـ: وذلك في مناخ أوثال وكانت الهزيمة على عنزة، حيث استمر المناخ عدة أيام في وقت الربيع ثم انضم بعض مطير إلى جانب الظفير، وبعد قتال شديد دارت الدائرة على عنزة فغنم الظفير ومطير أغنامهم وماثقل من بيوتهم، وممن قتل من عنزة :خليف بن مجلاد، ومن الظفير سالم بن غضبان، ومن مطير سمران بن
حاضر العبيوي (تحفة المشتاق, مخطوط,ص44). ومنهامشاركة مطير مع الظفير مرة ثانية ضد عنزة عام 1065هـ :في هذه السنة حشدت قبائل عنزة وتناوخوا هم والظفير على النبقية ومع الظفير مطير وآل غزي من الفضول، وأقاموا في مناخهم نحو عشرة أيام ، ثم مشى بعضهم على بعض واقتتلوا قتالاً شديداً وصارت الهزيمة على الظفير, ومن معهم وغنم منهم عنزة غنائم كثيرة, وقتل عدة رجال من الفريقين، وممن قتل من مشاهير الظفير، حجاب بن نافل بن صويط، وشديد آل حلاف من الظفير ، وفيحان بن شافي آل غزي من الفضول ومن مطير دخيل الله بن بخيت البرازي من مطير، ومن عنزة سمير بن فراج ومخلف بن مطارد .(تحفة المشتاق,مخطوط, مصدر سابق,ص45 .إلا أن ابن بشر ذكرها في عام 1063هـ).ومنها وقعة بين مطير وعنزة عام 1078هـ:وفيها صادفوا مطير غزو لعنزة على الداث فأخذوهم وقتلوهم بعد قتال شديد صار بينهم وهم نحو الثلاثين وقتلوا من مطير نحو خمسة وعشرين رجلاً.(تحفة المشتاق, مخطوط, ص47).ومنهامطير وحاج الأحساء عام 1142هـ:وفيها أقبل حاج كثير من أهل الأحساء والقطيف والبحرين وغيرهم, ومعهم أموال كثيرة, فلما عرضهم عربان مطير فأخذوهم عند الحنو.. وكان يوماً عظيماً والحاج في الغاية من الأموال والرجال غير أنه خال من التدبير وأميرهم يقال له محمد المحاوي وهو في الغاية من السفاهة والرذالة..(ابن بشر حوادث السنة المذكورة. بينما جعلها ابن لعبون في حوادث 1243هـ ,(الخزانة النجدية, ج1,ط1 ص154). ومنها مطير وبعض القبائل في نجد عام 1146هـ:قال الفاخري: وفي سنة ست وأربعين وماية وألف حصل خطيطة من ببان إلى الوشم إلى الدجاني واجتمعوا فيها البوادي من بني خالد وعنزة ومطير وعتيبة وسبيع وزعب وبني حسين وذلك أنه قلّ الحيا وصار ماسواها محل.(تاريخ الفاخري, دراسة يوسف الشبل ,ص128).
أما قول السناح :ولكن بعدنزول معظم( بريه) و(علوى) الى نجد في اوائل القرن الحادي عشر الهجري, ولتأخر نزول( بني عبدالله) من قبيلة مطير إلى القرن الثالث عشر الهجري اصبحت (بريه) تعرف في نجدكصنو ثاني لقبيلة مطير مع (علوى) وقد نتج عن هذا التفاوت في النزول ما بين الأصل) بني عبدالله ) والفرع (بريه ) ان القبيلة قد انقسمت الى ثلاثة فروع رئيسة كل فرع له اماكن يقطنها وعزوة يعتزي بها فمثلاً (بني عبدالله) عزوتهم ألاد عباد ياعيال ابوي و(بريه) عزوتهم بريه يارفاقه و(علوى) عزوتهم علوى يارفاقه .
ج: أقول: بنو عبدالله في الأصل ليسو من مطير فهم بنو عبدالله بن غطفان من عدنان حالفوا مطيراً فانتسبوا بنسبها وتسمّوا باسمها وتحالفهم كان مع بريه بدليل أنهم يعدون من بريه وليس هناك أي قول يقول أنهم من علوى. وعن دخول بني عبدالله في مطير قال النسّابة عاتق البلادي :.. في مطير اليوم بطون من غطفان, من أهمها بنوعبدالله...(معجم قبائل الحجاز,ص467, 468).وقال الجاسر ما مفاده : بني عبدالله من غطفان ثم انضوت تحت مسمى قبيلة مطير.(مجلة العرب,ج3,رمضان 1391هـ,ص161-174بتصرف).