![]() |
ابن غديّان.. أيُّ قرح ٍ عظيم ٍ مسّنا!
[center][size=5][color=red]ابن غديّان.. أيُّ قرح ٍ عظيم ٍ مسّنا![/color][/size][/center]
[size=5] [/size] [center][size=5][color=#17365d][font=traditional arabic]بقلم/ ماجد بن عبدالرحمن البلوشي[/font][/color][/size][/center] [size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]أما إنَّ المصائب والرزايا لا يأتين فرادى، فإذا نزلنَ بساحاتنا وحللنَ ديارنا انتشرن فيها انتشار النار في الهشيم، فما تتركُ منّا عزيمةً، ولا تُبقي لنا صبراً، ولا تقطعُ عنّا دمعاً.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]فمن أي سهام البلاء المنصبِّ نتّقي! ومن أي قطره المنهمر نفرُّ![/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]فبالأمس نبكي غزّة الجهادِ والرّباطِ الأسيرة المحاصرة، ونندبُ ضمير العالم الجريح باغتيال العدل والشرف على إثر الجريمة التي جرت على سفينة الحريّة، فما جفّت الدموع – والله – بعدُ، ولا ذهبت غصّة الوجعِ، واليوم يطوينا خبر عظيم يزلزلُ الجوانحَ ويهدُّ القوى ويدوّي في الخافقين يعلن وفاة عالم من علماء الأمة العِظام وبقيّة من بقايا جيل الراسخين في المعرفةِ ألا وهو الشيخ عبدالله بن غديان رحمه الله.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]وكأنَّ حالنا مع المصيبات أن يرقّق بعضُهنَّ بعضاً، فنبكي على مصيبةٍ خلفَ أخرى، ولا تجفُّ المآقي إلا وتهطلُ أختها على إثرها بدمع غزير وحزن أليم.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]رحم الله الشيخ ابن غديان، ورضي الله عن نفسهِ المطمئنّة بالقناعة، والمليئة بالعفاف، فما رآه طلابهُ قاصداً لكبير أو صغير، ولا مُنيخاً ركابه بقصرٍ منيف أو بناء مشيد، إنّما وعى العلم وأتقنهُ فأدّاه، ونشره في الآفاق محتسباً أجرهُ عند من بيده خزائنُ السموات والأرض، فكان آية في العلم وسيلان المعرفة وذكاء الطبع، وبقي حِكرَ مكتبهِ وحِلسَ بيته نافراً عن أرباب المناصب مجافياً لأهل الدّنيا، لا يعرف التزلّفَ إلى أحد أو التجمّل بين يديه.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]ومن علاماتِ زهده وآياتِ تعفّفه ما حدثنيه صاحبنا اللامعُ الدكتور فهد السنيدي - متّعهُ الله بالعافية - نقلاً عن الشيخ ابن غديان رحمه الله أنّهُ وصلتهُ عطيّة ماليّة بملايين الريالات من أحد المسؤولين وقد حملها إليه رجلٌ من خلال شيك باسم الشيخ، فما كان من الشيخ إلا أن مزّق طرف الشيك وأعاده في الظرف ودفعه لحامله ليعيده إلى الجهة التي أتى منها.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]وهذا نوع نادر فذٌّ عزيزٌ من الزهد والتعفّف لا يقعُ مثلهُ إلا في أخبار السلفِ الغابرين من أهل القرون الأولى، هذا والشيخُ ليس من أهل المال، ولديه أزواج ثلاث وطائفةٌ كبيرة من الذرّية والأبناء، إلا أنّه آثر الحياة الآخرة على الأولى.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]إنَّ هذا العالم الجهبذ درسٌ عمليٌّ للزاهدِ المتعفّفِّ المنقطع في زمنٍ غلبَ فيه الجشع وتكالب الناسِ على الحياةِ وجمعِ الأرصدة والكدح للدنيا، فهو آيةٌ في ميدانِ سموِّ الرّوحِ وارتفاعِها عن المطامع والملذّاتِ العاجلةِ، فقد أتته المناصب منقادة إليه تجرّر أذيالها، فتقلّدها ظاهراً وانقلب عليها باطناً، فهو وزيرٌ في المنصبِ والجاهِ لكنّه من عامّة الخلقِ في الروحِ والداخلة.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]وموت هؤلاء العلماء لاسيّما السابقين الأولين ممن أسّس لبنيان الصحوة الإسلاميّة وأرسى دعاماتِها لهو نذير شر ورسول بلاء، فبموتهم تنقصُ الأرضُ من أطرافها، وبفنائهم يتضاءل رواق العلم ويقلص فيء المعرفة وينقبضُ بساط الهُدى، وبرحيلِهم تعلو الأسافل وينشط الساقطون وتنتشر الجهالة.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]لقد كان الشيخ – نوّر الله قبرهُ - قطعةً مؤتلفةً نديّةً من النبوغ النادر، والذكاءِ المتدفّقِ، والقريحة الوقّادةِ، على حدّة فيه أدّاهُ إليها غلبة الطبعِ، أخذ العلمَ عن طائفةٍ من نوابغ الأئمة المعاصرين، وثنى ركبته بمجالسهم العامرة بالهُدى والعلم، ويكفيه فخراً وشرفاً أنّه خرّيج مدرسةِ شيخ الإسلام عبدالعزيز بن باز – سقى اللهُ قبرهُ مزون الرحمةِ -، ووارث علم إمام التفسير العلامة الأمين الشنقيطي – رحمه الله رحمة واسعةً – وخازن معرفةِ العلامة عبدالرزّاق عفيفي – نوّر الله قبرهُ -، ألا ما أعظمه من مجدٍ وأرقاهُ من سؤددٍ! حتّى إذا فتح الله عليه في العلم أدّى حقَّ ذلك بالتدريس والتعليم في الجامعات وحلق العلم وأركان الجوامع وعبر مدارج الأثير.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]لقد بقي يرنُّ في الآذان صوتهُ الحادُّ الذي ينسكبُ في المسامع مشيَ السحابة لا ريثٌ ولا عجلٌ، وبقيتْ صورتهُ النقيّةُ - نقاء روحه وسريرتهِ - ببياض بشرتهِ الشديدِ وهو على كرسيّه يهتزُّ ملتذاً بتدريس الفنون وجرد المطوّلاتِ، فكان يقصد المدائن بالتعليم والتدريس، ويتصدّى للإفتاء، ويجلسُ لأسئلة النّاس، هذا دأبه الدهرَ ما تغيّرت له عادة ولا انقطعت عنه سيرة.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]فعلى أي مآثرك العِظام يا زكيَّ الرّوح نبكي! وإلى أي مفاخرك الكرام يا عليَّ القدرِ نحِنُّ![/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]ومالنا ألا نبكيك ونحن نرى ساداتِ أهل العلم ينخرمون واحداً تلو الآخر ويتخطّفهم الموتُ ويُجلبُ عليهم برجلهِ، ولم يبق إلا الحطمة من الناس في ثلّة قليلةٍ من أهل العلم ترنو إليهم عين المنيّة كأنَّ أجلهم الليلة أو غد.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]ولمَ لا نرثيك ونحن نشدو في الآفاق نلتمسُ العلماء الربّانيين فلا نكاد نقف على أحدٍ منهم إلا قليلاً قد جاءهم النّذيرُ فذوت أعوادهم، وأدبرت أيامهم، وانحنت ظهورهم، فهم في الأثر، ونحن على الأمل! [/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]ومالها ألا تندبك من الشوق - أيها العالم النبيل - جوانبُ اللجنة الدائمة للإفتاء، وأنت توقّع فيها عن ربِّ العالمين من عقودٍ مضتْ حتّى عرفك النّاس ثالث ثلاثةٍ فيها مع شيخيك ابن باز وابن عفيفي، ولم لا تبكيك من الحسرة مدارج الأثير وقد نشرتْ في الآفاق للمسامع فتاويك المحرّرة في "نور على الدرب"![/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]فأي نبع جفَّ؟ [/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]وأي خيرٍ غيضَ؟[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]وأي قطر وقف![/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]إلا ما أقرب الموت من الحياة، وما أدنى البلاء من العافية، وما ألحق الآخرة بالأولى![/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]لقد رحل إلى منقلبهِ وما سمع النّاسُ أنّه غيّر أو بدّل أو نكص! بل بقيَ يفتي بالحقِّ ويقضي بالدليل، فما انتحل من شواذ الأقوال، ولا تقلّد من آفات الآراء، ولا جرّأ فاجراً على دين الله، أو أباح حماهُ لكل مستبدٍّ غشومٍ، أو فتح أبواباً للشبهاتِ والشهواتِ.[/font][/color][/size][size=5] [/size] [size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]اللهم فاغفر لعبدك عبدالله بن غديان، وارفع درجته في المهديين، واخلفه [/font][/color][/size][size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]في عقبه في الغابرين، وأكرم نزله وأحسن مدخله، واجعل قبره روضة من رياض [/font][/color][/size][size=5][color=#17365d][font=decotype naskh]الجنّة.[/font][/color][/size] |
[size="6"][color="blue"]جان دارك[/color][/size]
[size="4"][color="cyan"]شكرا ع الطرح الجميل[/color][/size] [size="5"][color="black"][color="black"]تقبل مروري[/color][/color][/size] [size="5"][color="darkorange"]رجل مهم[/color][/size] |
الفاضل رجل مهم
والشكر موصول لك على مرورك الكريم |
| جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 04:57 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والتعليقات على الأخبار والردود المطروحة لا تعبّر عن رأي ( منتديات قبيلة عتيبه ) بل تعبّر عن رأي كاتبها