المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طوق الحمامة


آلميَـم
03-12-2011, 06:37 PM
http://www.otaiby.com/upload/download.php?img=40

آلميَـم
03-12-2011, 06:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين ؛


قال أبا محمد عفا الله عنه: أفضل ما أبتدئ به حمد الله عز وجل بما هو أهله، ثم الصلاة على محمد عبده ورسوله خاصة، وعلى جميع أنبيائه عامة، وبعد.


عصمنا الله واياك من الحيرة، ولا حملنا مالا طاقة لنا به، وقيض لنا من جميل عونه دليلا هادياً إلى طاعته،
ووهبنا من توفيقه أدباً صارفاً عن معاصيه ولا وكلنا إلى ضعف عزائمنا وخور قوانا و وهاء بنيتنا وتلدد آرابنا
وسوء اختيارنا وقلة تمييزنا وفساد أهوائنا، فإن كتابك وردني من مدينة المرية إلى مسكني بحضرة شاطبة تذكر
من حسن حالك ما يسرني وحمدت الله عز وجل عليه واستدمه لك واستزدته فيك. ثم لم ألبث أن اطلع على
شخصك وقصدتني بنفسك، على بعد الشقة وتنائي الديار وشحط المزار وطول المسافة وغول الطريق وفي دون
هذا ما سلى المشتاق ونسي الذاكر، إلا من تمسك بحبل الوفاء مثلك ورعى سالف الأذمة و وكيد المودات وحق
النشأة ومحبة الصبي وكانت مودته لله تعالى ولقد أثبت الله بيننا من ذلك ما نحن عليه حامدون وشاكرون.
وكانت معانيك في كتابك زائدة على ما عهدته من سائر كتبك، ثم كشفت إلي بإقبالك غرضك وأطلعتني على مذهبك،
سجية تلم تزل علينا من مشاركتك لي في حلوك ومرك وسرك وجهرك،
يحدوك الود الصحيح الذي أنا لك على أضعافه، أبتغي جزاء غير مقابلته بمثله.
وفي ذلك أقول مخاطباً لعبيد الله بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أمير المؤمنين الناصر
رحمه الله في كلمة لي طويلة وكان لي صديقا:


أودك وداً لـيس فـيه غـضــاضة .......وبعض مـودات الـرجـال سـراب
وأمحضتك النصح الصريح وفي الحشى....لودك نـقـش ظـاهـر وكـتــاب
فلو كان في روحي هواك اقتلـعـتـه......ومزق بالـكـفـين عـنـه إهـاب
ومـا لـي غـير الـود مـنـك إرادة.......ولا في سواه لـي إلـيك خـطـاب
إذا حزته فالأرض جمعـاء والـورى.......هبـاء وسـكـان الـبـلاد ذبــاب


وكلفتني أعزك الله أن أصنف لك رسالة في صفة الحب ومعانيه وأسبابه وأعراضه، وما يقع فيه وله على سبيل الحقيقة
لا متزيداً ولا مفتنا، لكن مورداً لما يحضرني على وجهه وبحسب وقوعه، حيث انتهى حفظي وسعة باعي فيما أذكره،
فبدرت إلى مرغوبك ولولا الإيجاب لك لما تكلفته، فهذا من الفقر، والأولى بنا مع قصر أعمارنا ألا نصرفها إلا فيما
نرجو به رحب المنقلب وحسن المآب غداً. وإن كان القاضي حمام بن أحمد حدثني عن يحيى بن مالك عن عائذ
بإسناد يرفعه إلى أبي الدرداء أنه قال: أجمعوا النفوس بشيء من الباطل ليكون عونا لها على الحق. ومن أقوال
الصالحين من السلف المرضي. من لم يحسن يتفتى لم يحسن يتقوى. وفي بعض الأثر: أريحو النفوس فإنها تصدأ
كما يصدأ الحديد.

والذي كلفتني لا بد فيه من ذكر ما شاهدته حضرتي وأدركته عنايتي وحدثني به الثقات من أهل زمانه،
فاغتفر لي الكناية عن الأسماء فهي إما عورة لا نستجيز كشفها وإما نحافظ في ذلك صديقاً ودوداً ورجلاً جليلاً،
وبحسبي أن أسمى من لا ضرر في تسميته ولا يلحقنا والمسمى عيب في ذكره،
وإما لاشتهار لا يغني عنه الطي وترك التبيين؛ وإما لرضا من المخبر عنه بظهور خبره وقلة إنكار منه لنقله.

وسأورد في نفي رسالتي هذه أشعاراً قلتها فيما شاهدته، فلا تنكر أنت ومن رآها على أني سالك فيها مسلك حاكي الحديث
عن نفسه، فهذا مذهب المتحلين بقول الشعر، وأكثر من ذلك فإن إخواني يجمشوني القول فيما يعرض لهم على طرائقهم ومذاهبهم.
وكفاني أني ذاكر لك ما عرض لي مما يشاكل ما نحوت نحوه وناسبه إلي.

والتزمت في كتابي هذا الوقوف عند حدك، والاقتصار على ما رأيت أوضح عندي بنقل الثقات،
ودعني من أخبار الأعراب والمتقدمين، فسبيلهم غير سبيلنا، وقد كثرت الأخبار عنهم، وما مذهبي أن أنضي مطية سواي،
ولا أتحلى بحلى مستعار، والله المستغفر والمستعان لا رب غيره.

آلميَـم
03-12-2011, 06:52 PM
؛


وقسمت رسالتي هذه على ثلاثين باباً، منها في أصول الحب عشرة فأولها هذا الباب، ثم باب في علامات الحب، ثم باب فيه ذكر من أحب في النوم،
ثم باب فيه ذكر من أحب بالوصف، ثم باب ذكر من أحب من نظرة واحدة
ثم باب فيه ذكر من لا تصح محبته إلا مع المطاولة، ثم باب التعريض بالقول ثم باب الإشارة بالعي،
ثم باب المراسلة، ثم باب السفير.ومنها في أعراض الحب وصفاته المحمود والمذمومة أثناء عشر بابا،
وإن كان الحب عرضاً والعرض لا يحتمل الأعراض، وصفة والصفة لا توصف فهذا على مجاز اللغة
في إقامة الصفة مقام الموصوف.
وعلى معنى قولنا: وجودنا عرضاً أقل في الحقيقة من عرض غيره، وأكثر وأحسن وأقمح في إدار كنالها علمنا
أنها متباينة في الزيادة والنقصان من ذاتها المرئية والمعلومة؛ إذ لا تقع فيها الكمية ولا التجزي، لأنها لا تشغل مكاناً
وهي: باب الصديق المساعد، ثم باب الوصل ثم باب طي السر، ثم باب الكشف والإذاعة، ثم باب الطاعة،
ثم باب المخافة، ثم باب من أحب صفة لم يحب بعدها غيرها مما يخالفها، ثم باب القنوع،
ثم باب الوفاء،ثم باب الغدر، ثم باب الضنى، ثم باب الموت.
ومنها في الآفات الداخلة على الحب ستة أبواب، وهي باب العاذل، ثم باب الرقيب، ثم باب الوشي،
ثم باب الهجر، ثم باب البين؛ ثم باب السلو.
من هذه الأبواب الستة بابان لكل واحد منهما ضد من الأبواب المتقدمة الذكر،
وهما باب العاذل: وضده باب الصديق المساعد؛ باب الهجر وضده باب الوصل
ومنها أربعة أبواب لا ضد من معاني الحب، وهي باب الرقيب، وباب الواشي، ولا ضد لهما إلا ارتفاعهما.
وحقيقة الضد ما إذا وقع ارتفع الأول،
وإن كان المتكلمون قد اختلفوا في ذلك. ولولا خوفنا إطالة الكلام فيما ليس من جنس الكتاب لتقصيناه.

وباب البين وضده تصاقب الديار، وليس التصاقب من معاني الحب التي نتكلم فيها. وباب السلو وضده الحب بعينه،
إذ معنى السلو ارتفاع الحب وعدمه ومنها بابان ختمنا بهما الرسالة، وهما: باب الكلام في قبح المعصية،
وباب في فضل التعفف. ليكون خاتمة إيرادنا وآخر كلامنا الحض على طاعة الله عز وجل،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فذلك مفترض على كل مؤمن.

لكنا خالفنا في نسق بعض هذه الأبواب هذه الرتبة المقسمة في درج هذا الباب الذي هو أول أبواب الرسالة،
فجعلناها على مباديها إلى منتهاها واستحقاقها في التقدم والدرجات والوجود، ومن أول مراتبها إلى آخرها،
وجعلنا الضد إلى جنب ضده فاختلف المساق في أبواب يسيرة والله المستعان.

وهيئتها في الإيراد أولها هذا الباب الذي نحن فيه صدر الرسالة وتقسيم الأبواب والكلام في باب ماهية الحب،
ثم باب علامات الحب، ثم باب من أحب بالوصف، ثم باب من أحب من نظرة واحدة،
ثم باب من لا يحب إلا مع المطاولة، ثم باب من أحب صفة لم يحب بعدها غيرها مما يخالفها،
ثم باب التعريض بالقول، ثم باب الإشارة بالعين، ثم باب المراسلة،
ثم باب السفير،ثم باب طي السر، ثم باب إذاعته، ثم باب الطاعة، ثم باب المخالفة، ثم باب العاذل،
ثم باب المساعد من الإخوان؛ ثم باب الرقيب، ثم باب الوشي، ثم باب الوصل، ثم باب الهجر،
ثم باب الوفاء، ثم باب الغدر، ثم باب البين،
ثم باب القنوع، ثم باب الضنى، ثم باب السلو ثم باب الموت؛ ثم باب قبح المعصية؛ ثم باب التعفف.

وجودك يكفي
03-12-2011, 08:04 PM
تسلم يمنيك يآلميم ولآهنتي على الطوق الرائع والجميل

عزيزة الجناب
03-12-2011, 08:16 PM
الميم

الله الله

رائعه

اسعدني اضمامك الي ال عتيبه

مثلك لايوجد نجمتنا اتحفينا بكل ماهو بهى

ف انتظار الجديد

جنائن الورد والود

آلميَـم
03-13-2011, 12:15 PM
الحب - أعزك الله - أوله هزل وآخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة،
إذ القلوب بيد الله عز وجل وقد أحب من الخلفاء المهدبين والأئمة الراشدين كثير،
منهم بأندلسنا عبد الرحمن بن معاوية الدعجاء، والحكم بن هشام، وعبد الرحمن بن الحكم
وشغفه بطروب أم عبد الله ابنة أشهر من الشمس، ومحمد بن عبد الرحمن وأمره مع غَزلان أم بنيه عثمان والقاسم
والمُطرف معلوم، والحاكم المستنصر وافتتانه بصبح أم هاشم المؤيد بالله رضي الله عنه وعن جميعهم وامتناعه
عن التعرض للولد من غيرها. ومثل هذا كثير، ولولا أن حقوقهم على المسلمين واجبة - وإنما يجب أن نذكر
من أخبارهم ما فيه الحزم وإحياء الدين وإنما هو شيء كانوا ينفردون به في قصورهم مع عيالهم
فلا ينبغي الإخبار به عنهم - لأوردت من أخبارهم في هذا الشأن غير قليل.
وأما كبار رجالهم ودعائم دولتهم فأكثر من أن يحصوا، وأحدث ذلك ما شاهدناه بالأمس
من كلف المظفر بن عبد الملك بن أبي عامر بواحد، بنت رجل من الجبائين حتى حمله حبها أن يتزوجها،
وهي التي خلف عليها بعد فناه العامر بن الوزير عبد الله بن مسلمة، ثم تزوجها بعد قتله رجل من رؤساء البربر.
ومما يشبه هذا أن أبا العيش بن ميمون القرشي الحسيني أخبرني أن نزار بن معد صاحب مصر
لم ير ابنه منصور بن نزار، الذي ولى الملك بعده وادعى الإلهية إلا بعد مدة من مولده،
مساعدة لجارية كان يحبها حباً شديداً، هذا ولم يكن له ذكر ولا من يرث ملكه ويحيي ذكره سواه.
ومن الصالحين والفقهاء في الدهور الماضية والأزمان القديمة من قد استغنى بأشعارهم عن ذكرهم:
وقد ورد من خبر عبيد الله عتبة بن مسعود وشعره ما فيه الكفاية. وهو أحد فقهاء المدينة السبعة
وقد جاء من فتيا ابن عباس رضي الله عنه مالا يحتاج معه إلى غيره حين يقول: هذا قتيل الهوى لا عقل ولا قود.
وقد اختلف الناس في ماهيته وقالوا وأطالوا، والذي أذهب إليه أنه اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة
في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع، لا على ما حكاه محمد بن داود رحمه الله عن بعض أهل الفلسفة.
الأرواح أكر مقسومة لكن على سبيل مناسبة قواها في مقر عالمها العلوي ومجاورتها في هيئة تركيبها
وقد علمنا أن سر التمازج والتباين في المخلوقات إنما هو الاتصال والانفصال والشكل دأباً يستدعى شكله،
والمثل إلى مثله ساكن، وللمجانسة عمل محسوس وتأثير مشاهد، والتنافر في الأضداد والموافقة في الأنداد،
والنزاع فيما تشابه موجود فيما بيننا فكيف بالنفس وعالمها العالم الصافي الخفيف وجوهرها الجوهر الصعاد المعتدل،
وسنخها المهيأ لقبول الاتفاق والميل والتوق والانحراف والشهوة النفار.
كل ذلك معلوم بالفطرة في أحوال تصرف الإنسان فيسكن إليها، والله عز وجل
يقول: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ليسكن إليها)، فجعل علة السكون أنها منه.
ولو كان علة الحب حسن الصورة الجسدية لوجب ألا يستحسن الأنقص من الصورة.
ونحن نجد كثيرا ممن يؤثر الأدنى ويعلم فضل غيره ولا يجد محيداً لقلبه عنه. ولو كان للموافقة في الأخلاق
لما أحب المرء من لا يساعده ولا يوافقه. فعلمنا أنه شيء في ذات النفس وربما كانت المحبة لسبب من الأسباب،
وتلك تفنى بفناء سببها. فمن ودك لأمر ولى مع انقضائه.

وفي ذلك أقول:
ودادي لك الباقي على حسب كونه تناهى فلم ينقص بشيء ولم يزد
وليست لـه غـير الإرادة عـلة ولا سبب حاشاه يعلـمـه أحـد
إذا ما وجدنا الشيء علة نفـسـه فذاك وجود ليس يفنى على الأبد
وإما وجدناه لـشـيء خـلافـه فإعدامه في عدمنا ما لـه وجـد
ومما يؤكد هذا القول أننا علمنا أن المحبة ضروب. فأفضلها محبة المتحابين في الله عزوجل؛
إما لاجتهاد في العمل، وإما لاتفاق في أصل النحلة والمذهب، وإما لفضل علم يمنحه الإنسان
ومحبة القرابة، ومحبة الألفة والاشتراك في المطالب، ومحبة التصاحب والمعرفة ومحبة البر يضعه المرء عند أخيه،
ومحبة الطمع في جاه المحبوب، ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره، ومحبة بلوغ للذة وقضاء الوطر،
ومحبة العشق التي لا علة لها إلا ما ذكرنا من اتصال النفوس، فكل هذه الأجناس منقضية مع انقضاء عللها
وزائدة بزيادتها وناقصة بنقصانها، متأكدة بدنوها فاترة ببعدها. حاشى محبة العشق الصحيح الممكن من النفس فهي التي
لا فناء لها إلا بالموت.
وإنك لتجد الإنسان السالي برغمه. وذا السن المتناهية، إذا ذكرته تذكر وارتاح وصبا واعتاده الطرب واهتاج له الحنين.

ولا يعرض في شيء من هذه الأجناس المذكورة، من شغل البال والخبل والوسواس
وتبدل الغرائز المركبة واستحالة السجايا المطبوعة والنحول والزفير وسائر دلائل الشجا ما يعرض في العشق،
فصح بذاك أنه استحسان روحاني وامتزاج نفساني. فإن قال قائل: لو كان هذا كذلك لكانت المحبة بينهما مستوية
، إذ الجزآن مشتركان في الاتصال وحظهما واحد فالجواب عن ذلك أن نقول: هذه لعمري معارضة صحيحة،
ولكن نفس الذي لا يحب من يحبه مكتنفة الجهات ببعض الأعراض الساترة والحجب المحيطة
بها من الطبائع الأرضية فلم تحس بالجزء الذي كان متصلاً بها قبل حلولها حيث هي،
ولو تخلصت لاستويا في الاتصال والمحبة. ونفس المحب متخلصة عالمة بمكان ما كان يشركها في المجاورة،
طالبة له قاصدة إليه باحثة عنه مشتهية لملاقاته، جاذبة له لو أمكنها كالمغنطيس والحديد، فقوة جوهر المغنطيس
المتصلة بقوة جوهر الحديد لم تبلغ من تحكمها ولا من تصفيتها أن تقصد إلى الحديد على أنه من شكلها وعنصرها،
كما أن قوة الحديد لشدتها قصدت إلى شكلها وانجذبت نحوه، إذ الحركة أبداً إنما تكون من الأقوى،
وقوة الحديد متروكة الذات غير ممنوعة بحابس، تطلب ما يشبهها وتنقطع إليه وتنهض نحوه بالطبع والضرورة
وبالاختيار والتعمد. وأنت متى أمسكت الحديد بيدك لم ينجذب إذ لم يبلغ من قوته أيضاً مغالبة الممسك
له مما هو أقوى منه. ومتى كثرت أجزاء الحديد اشتغل بعضها ببعض واكتفت بأشكالها عن طلب اليسير
من قواها النازحة عنها، فمتى عظم جرم المغناطيس ووازت قواه جميع قوى جرم الحديد عادت إلى طبعها المعهود.
وكالنار في الحجر لا تبرز على قوة الحجر في الاتصال والاستدعاء لأجزائها حيث كانت إلا بعد القدح
ومجاورة الجرمين بضغطهما واصطكاكهما، وإلا فهي كامنة في حجرها لا تبدو ولا تظهر.

ومن الدليل على هذا أيضاً أنك لا تجد اثنين يتحابان إلا وبينهما مشاكلة واتفاق الصفات الطبيعية لا بد من هذا وإن قل،
وكلما كثرت الأشباه زادت المجانسة وتأكدت المودة فانظر هذا تراه عياناً،
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكده: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)
، وقول مروى عن أحد الصالحين: أرواح المؤمنين تتعارف.
ولهذا ما اغتم أبقراط حين وصف له رجل من أهل النقصان يحبه، فقيل له في ذلك،
فقال: ما أحبني إلا وقد وافقته في بعض أخلاقه.

وذكر أفلاطون أن بعض الملوك سجنه ظلماً، فلم يزل يحتج عن نفسه حتى اظهر براءته،
وعلم الملك أنه له ظالم، فقال له وزيره الذي كان يتولى إيصال كلامه إليه: أيها الملك،
قد استبان لك أنه بريء فمالك وله؟ فقال الملك: لعمري مالي إليه سبيل، غير أني أجد لنفسي استثقالاً
لا أدري ما هو. فأدى ذلك إلى أفلاطون. قال: فاحتجت أن أفتش في نفسي وأخلاقي أجد شيئاً أقابل به نفسه
وأخلاقهما مما يشبهها، فنظرت في أخلاقه فإذا هو محب للعدل كاره للظلم، فميزت هذا الطبع في،
فما هو إلا أن حركته هذه الموافقة وقابلت نفسه بهذا الطبع الذي بنفسي فأمر بإطلاقي
وقال لوزيره: قد انحل كل ما أجد في نفسي له.
وأما العلة التي توقع الحب أبداً في أكثر الأمر على الصورة الحسنة، فالظاهر أن النفس حسنة
وتولع بكل شيء حسن وتميل إلى التصاوير المنقنة، فهي إذا رأت بعضها تثبتت فيه، فإن ميزت
وراءها شيئاً من أشكالها اتصلت وصحت المحبة الحقيقية، وإن لم تميز وراءها شيئاً من أشكالها
لم يتجاوز حبها الصورة، وذلك هو الشهوة.

وإن للصور لتوصيلا عجيباً بين أجزاء النفوس النائية. وقرأت في السفر الأول من التوراة
أن النبي يعقوب عليه السلام أيام رعيه غنماً لابن خاله مهراً لا بنته شارطه على المشاركة في إنسالها،
فكل بهيم ليعقوب وكل أغر للأبان، فكان يعقوب عليه السلام يعمد إلى قضبان الشجر يسلخ نصفاً ويترك نصفاً بحاله،
ثم يلقى الجميع في الماء الذي ترده الغنم، ويتعمد إرسال الطروقة في ذلك الوقت فلا تلد إلا نصفين، نصفاً بهماً
ونصفاً غراً.

وذكر عن بعض القافة أنه أتى بابن أسود لأبيضين، فنظر إلى أعلامه فرآه لهما غير شك.
فرغب أن يوقف على الموضع الذي اجتمعا عليه. فأدخل البيت الذي كان فيه مضجعهما،
فرأى فيما يوازي نظر المرأة صورة أسود في الحائط، فقال لأبيه: من قبل هذه الصورة أتيت في إبنك.

وكثيراً ما يصرف شعراء أهل الكلام هذا المعنى في أشعارهم، فيخاطبون المرئي في الظاهر
خطاب المعقول الباطن، وهو المستفيض في شعر النظام إبراهيم بن سيار وغيره من المتكلمين،
وفي ذلك أقول شعراً، منه:
ما علة النصر في الأعداء تعرفها وعلة الفر منهـم أن يفـرونـا
إلا نزاع نفوس النـاس قـاطـبة إليك يا لؤلؤاً في الناس مكنونـا
من كنت قدامه لا ينـتـئى أبـداً فهم إلى نورك الصعاد يعشونـا
ومن تكن خلفه فالنفس تصرفـه إليك طوعاً فهم دأبـاً يكـرونـا

ومن ذلك أقول:
أمن عالم الأملاك أنت أم أنـسـى أبن لي فقد أزرى بتميزي العـي
أرى هـيئة إنـسـية غـير أنـه إذا أعمل التفكير فالجرم علـوي
تبارك منسوى مذاهب خـلـقـه على أنك النور الأنيق الطبيعـي
ولا شك عندي أنك الروح ساقـه إلينا مثال في النفوس اتصـالـي
عد منا دليلاً في حدوثك شـاهـداً نقيس عليه غـير أنـك مـرئي
ولولا وقوع العين في الكون لم نقل سوى أنك العقل الرفيع الحقيقـي
وكان بعض أصحابنا يسمى قصيدة لي الإدراك المتوهم، منها:
ترى كل ضد بـه قـائمـاً فكيف تحد اختلاف المعاني
فيأيها الجسم لا ذا جـهـات ويا عرضاً ثابتاً غير فـان
نقضت علينا وجوه الكـلام فما هو مذ لحت بالمستبان
وهذا بعينه موجود في البغضة، ترى الشخصين يتباغضان لا لمعنى، ولا علة، ويستثقل بعضها بعضاً بلا سبب.
والحب أعزك الله داء عياء وفيه الدواء منه على قدر المعاملة، ومقام مستلذ، وعلة مشهاة لا يود سليمها البرء،
ولا يتمنى عليلها الإفاقة. يزين المرء ما كان يأنف منه، ويسهل عليه ما كان يصعب عنده حتى يحيل
الطبائع المركبة والجبلة المخلوقة. وسيأتي كل ذلك ملخصاً في بابه إن شاء الله.

خبر: ولقد علمت فتى من بعض معار في قد وحل من الحب وتورط في حبائله، وأضربه الوجد،
وأنضحه الدنف، وما كانت نفسه تطيب بالدعاء إلى الله عز وجل في كشف ما به ولا ينطق به لسانه،
وما كان دعاؤه إلا بالوصل والتمكن ممن يحب، على عظيم بلائه وطويل همه، فما الظن بسقيم
لا يريد فقد سقمه ولقد جالسته يوماً فرأيت من إكبابه وسوء حاله وإطراقه ما ساءني
فقلت له في بعض قولي: فرج الله عنك فلقد رأيت أثر الكراهية في وجهه. وفي مثله أقول من كلمة طويلة:
وأستلذ بلائي فـيك يا أمـلـي ولست عنك مدى الأيام أنصرف
إن قيل لي تتسلى عن مـودتـه فما جوابي إلا الـلام والألـف
خبر: وهذه الصفات مخالفة لما أخبرني به عن نفسه أبو بكر محمد بن قاسم بن محمد القرشي.
المعروف بالشلشي، من ولد الإمام هشام بن عبد الرحمن بن معاوية أنه لم يحب أحداً قط،
ولا أسف على إلف بان منه، ولا تجاوز حد الصحبة والألفة إلى حد الحب والعشق منذ خلق.

الماجــد
03-13-2011, 03:41 PM
وطوق الحمامة من أجمل الكتب التي وصفت الحب والألفة

يعطيك العافية الميم على هذه القراءة الرائعة للكتاب

بنت الهيــــلا
03-14-2011, 12:39 AM
عرف عن ابن حزم الظاهري طرحه الجريء في كتابه هذا ، حتى كان الجدل في مصنفه طوق الحمامه واسعا

ولا أدري أن كان هو من رأى أن وظيفة الأنثى فقط في السكن والحمل

اجتهاد حط من شأن المرأة

شكرا لك الميــم

آلميَـم
03-14-2011, 07:16 PM
وللحب علامات يقفوها الفطن، ويهتدي إليها الذكي. فأولها إدمان النظر، والعين باب النفس الشارع،
وهي المنقبة عن سرائرها، والمعبرة لضمائرها والمعربة عن بواطنها. فترى الناظر لا يطرف،
يتنقل بتنقل المحبوب وينزوي بانزوائه، ويميل حيث مال كالحرباء مع الشمس. وفي ذلك أقول شعراً، منه:

فليس لعيني عند غيرك مـوقـف كأنك ما يحكون من حجر البهـت
أصرفها حيث انصرفت وكيفـمـا تقلبت كالمنعوت في النحو والنعت

ومنها الإقبال بالحديث. فما يكاد يقبل على سوى محبوبه ولو تعمد ذلك، وإن التكلف ليستبين لمن يرمقه فيه،
والإنصات لحديثه إذا حدّث، واستغراب كل ما يأتي به ولو أنه عين المحال وخرق العادات، وتصديقه وإن كذب،
وموافقته وإن ظلم، والشهادة له وإن جار، واتباعه كيف سلك وأي وجه من وجوه القول تناول.
ومنها الاسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه، والتعمد للقعود بقربه والدنو منه،
واطراح الأشغال الموجبة للزوال عنه، والاستهانة بكل خطب جليل داع إلى مفارقته،
والتباطؤ في الشيء عند القيام عنه. وفي ذلك أقول شعراً
وإذا قمت عنك لم أمـش إلا مشي عان يقاد في نحو الفناء
في مجيئي إليك أحتّث كالبد ر إذا كان قاطعاً للسمـاء
وقيامي إن قمت كالأنجم العا لية الثابتات في الإبـطـاء

ومنها بهت يقع وروعة تبدو على المحب عند رؤية من يحب فجأة وطلوعه بغته.
ومنها اضطراب يبدو على المحب عند رؤية من يشبه محبوبه أو عند سماع إسمه فجأة وفي ذلك أقول قطعة، منها.

إذا ما رأت عيناي لا بس حمرة تقطع قلبي حسرة وتفـطـرا
غدا لدماء الناس باللحظ سافكـاً وضرج منها ثوبه فتعصفـرا

ومنها أن يجود المرء ببذل كل ما كان يقدر عليه مما كان ممتنعاً به قبل ذلك،
كأنه هو الموهوب له والمسعي في حظه، كل ذلك ليبدي محاسنه ويرغب في نفسه.
فكم بخيل جاد، وقطوب تطلق، وجبان تشجع، وغليظ الطبع تطرب، وجاهل تأدب، وتفل تزين،
وفقير تجمل. وذي سن تفتى، وناسك تفتك، ومصون تبذل.
وهذه العلامات تكون قبل استعار نار الحب وتأجج حريقه وتوقد شعله واستطارة لهبه.
فأما إذا تمكن وأخذ مأخذه فحينئذ ترى الحديث سراراً، والإعراض عن كل ما حضر إلا عن المحبوب جهاراً.
ولي أبيات جمعت فيها كثيراً من هذه العلامات، منها:

أهوى الحديث إذا ما كان يذكر لي فيه ويعبق لي عن عنـبـر أرج
إن قال لم أستمع ممن يجالسـنـي إلى سوى لفظة المستطرف الغنج
ولو يكون أمير المؤمنـين مـعـي ما كنت من أجله عنه بمنـعـرج
فإن أقم عنه مضطـراً فـإنـي لا أزال ملتفتاً والمشي مشي وجـي
عيناي فيه وجسمي عنه مرتـحـل مثل ارتقاب الغريق البر في اللجج
إغص بالماء إن أذكر تـبـاعـده كمن تثاءب وسط النقع والوهـج
وإن تقل ممكن قصد السماء أقـل نعم وإني لأدري موضع الـدرج

ومن علاماته وشواهده الظاهرة لكل ذي بصر الإنبساط الكثير الزائد، والتضايق في المكان الواسع،
والمجاذبة على الشيء يأخذه أحدهما، وكثرة الغمز الخفي، والميل بالإتكاء، والتعمد لمس اليد عند المحادثة،
ولمس ما أمكن من الأعضاء الظاهرة. وشرب فضلة ما أبقى المحبوب في الإناء، وتحري المكان الذي يقابله فيه.
ومنها علامات متضادة، وهي على قدر الدواعي والعوارض الباعثة والأسباب المحركة والخواطر المهيجة،
والأضداد أنداد، والأشياء إذا أفرطت في غايات تضادها. ووقفت في انتهاء حدود اختلافها تشابهت،
قدرة من الله عز وجل تضل فيها الأوهام، فهذا الثلج إذا أدمن حبسه في اليد فَعل فِعل النار،
ونجد الفرح إذا أفرط قتل، والغم إذا أفرط قتل، والضحك إذا كثر واشتد أسال الدمع من العينين.
وهذا في العالم كثير، فنجد المحبين إذا تكافيا في المحبة وتأكدت بينهما تأكداً شديداً أكثر بهما
جدهما بغير معنى،وتضادهما في القول تعمداً، وخروج بعضهما على بعض في كل يسير من الأمور،
وتتبع كل منهما لفظة تقع من صاحبه وتأولها على غير معناها، كل هذه تجربة ليبدو
ما يعتقده كل واحد منهما في صاحبه. والفرق بين هذا وبين حقيقة الهجرة والمضادة المتولدة عن الشحناء
ومخارجة التشاجر سرعة الرضى، فإنك بينما ترى المحبين قد بلغا الغاية من الاختلاف
الذي لا يقدر يصلح عند الساكن النفس السالم من الأحقاد في الزمن الطويل ولا ينجبر عند الحقود أبداً،
فلا تلبث أن تراهما قد عادا إلى أجمل الصحبة، وأهدرت المعاتبة، وسقط الخلاف وانصرفا في
ذلك الحين بعينه إلى المضاحكة والمداعبة، هكذا في الوقت الواحد مراراً. وإذا رأيت هذا من اثنين
فلا يخالجك شك ولا يدخلنك ريب البتة ولا تتمارى في أن بينهما سراً من الحب دفينا،
واقطع فيه قطع من لا يصرفه عنه صارف.ودونكها تجربة صحيحة وخبرة صادقة.
هذا لا يكون إلا عن تكلف في المودة وائتلاف صحيح، وقد رأيته كثيراً.

ومن علاماته أنك تجد المحب يستدعي سماع اسم من يحب، ويستلذ الكلام في أخباره ويجعلها هجيراه،
ولا يرتاح لشيء ارتياحه لها ولا ينهه عن ذلك تخوف أن يفطن السامع ويفهم الحاضر،
وحبك الشيء يعمي ويصم. فلو أمكن المحب ألا يكون حديث في مكان يكون فيه إلا ذكر من يحبه لما تعداه.
ويعرض للصادق المودة أن يبتدئ في الطعام وهو له مشته فما هو إلا وقت،
ما تهتاج له من ذكر من يحب صار الطعام غصة في الحلق وشجى في المرء. وهكذا في الماء وفي الحديث
فإنه يفاتحه متبهجاً فتعرض له خطرة من خطرات الفكر فيمن يحب فتستبين الحوالة في منطقه والتقصير في حديثه،
وآية ذلك الوجوم والإطراق وشدة الانفلاق، فبينما هو طلق الوجه خفيف الحركات صار منطبقاً
متثاقلاً حائر النفس جامد الحركة يبرم من الكلمة ويضجر من السؤال ومن علاماته حب الوحدة والإنس بالانفراد
، ونحول الجسم دون حد يكون فيه ولا وجع مانع من التقلب والحركة والمشي.
دليل لا يكذب ومخبر لا يخون عن كلمة في النفس كامنة.

والسهر من أعراض المحبين، وقد أكثر الشعراء في وصفه وحكوا أنهم رعاة الكواكب وواصفو طول الليل.
وفي ذلك أقول وأذكر كتمان السر وأنه يتوسم بالعلامات:

تعلمت السحائب من شؤوني فعمت بالحيا السكب الهتون
وهذا الليل فيك غدا رفيقي بذلك أم على سهري معيني
فإن لم ينقض الإظلام فجراً ألا ما أطبقت نوماً جوفوني
فليس إلى النهار لنا سبـيل وسهد زائد في كل حـين
كأن نجومه والغيم يخـفـي سناها عن ملاحظة العيون
ضميري في ودادك يا منايا فليس يبين إلا بالظـنـون

وفي مثل ذلك قطعة منها:

أرعى النجوم كأننـي كـلـفـت أن أرعى جميع ثبوتها والخـنـسـي
فكأنها والـلـيل نـيران الـجـوى قد أضرمت في فكرتي من حندس
وكأني أمـسـيت حـارس روضة خضراء وشح نبتها بالـنـرجـس
لو عاش بطليمـوس أيقـن أنـنـي أقوى الورى في رصد جرى الكنس

والشيء قد يذكر لما يوجبه: وقع لي في هذه الأبيات تشبيه شيئين بشيئين في بيت واحد.
وهو البيت الذي أوله فكأنها والليل وهذا مستغرب في الشعر. ولي ما هو أكمل منه،
وهو تشبيه أشياء في بيت واحد، وتشبيه أربعة أشياء في بيت واحد. وكلاهما في هذه القطعة أوردها، وهي:
مشوق معنى مـا ينـام مـسـهـد بخمر التجني مـا يزال يعـربـد
ففي ساعة يبدي إلـيك عـجـائبـاً يمر ويستحلـي ويدنـي ويبـعـد
كأن النوى والعتب والهجر والرضى قران وأنداد ونـحـس وأسـعـد
رئى لغرامي بعد طـول تـمـنـع وأصبحت محسوداً وقد كنت أحسد
نعمنا على نور من الروض زاهـر سقته الغوادي فهو يثني ويحـمـد
كأن الحيا والمزن والروض عاطراً دمـوع وأجـفـان وخـد مـورد

ولا ينكر على منكر قولي قران فأهل المعرفة بالكواكب يسمون التقاء كوكبين في درجة قراناً.
لي أيضاً ما هو أتم من هذا، وهو تشبيه خمسة أشياء في بيت واحد في هذه القطعة، هي:

خلوت بهـا والـراح ثـالـثة لـهـا وجنح ظلام الليل قد مد ما انـبـلـج
فتاة عدمت العـيش إلا بـقـربـهـا فهل في ابتغاء العيش ويحك من حرج
كأني وهي والكأس والخمر والدجـى ثرى وحيا والدر والتبـر والـسـنـج

فهذا أمر لا مزيد فيه ولا يقدر أحد على أكثر منه، إذ لا يحتمل العروض ولا بنية الأسماء أكثر من ذلك.
ويعرض للمحبين القلق عند أحد أمرين: أحدهما عند رجائه ملقاة من يحب فيعرض عند ذلك حائل.
خبر: وإني لأعلم بعض من كان محبوبه يعده الزيارة، فما كنت أراه إلا جاثياً وذاهباً
لا يقربه القرار ولا يثبت في مكان واحد، مقبلاً مدبراً قد استخفه السرور بعد ركانة،
وأشاطه بعد رزانة. ولي في معنى انتظار الزيارة:

أقمت إلى أن جاءني الليل راجيا لقاءك يا سؤلي ويا غاية الأمل
فأيأسني الإظلام عنك ولم أكـن لأيأس يوماً إن بدا الليل يتصل
وعندي دليل ليس يكذب خبـره بأمثاله في مشكل الأمر يستدل
لأنك لو رمت الزيارة لم يكـن ظلام ودام النور فينا ولم يزل

والثاني عند حادث يحدث بينهما من عتاب لا تدري حقيقته إلا بالوصف.
فعند ذلك يشتد القلق حتى توقف على الجليلة، فإما أن يذهب تحمله إن رجا العفو،
وإما أن يصير القلق حزناً وأسفاً إن تخوف الهجر.
ويعرض للمحب الاستكانة لجفاء المحبوب عليه. وسيأتي مفسراً في بابه إنشاء الله تعالى.

ومن أعراضه الجزع الشديد والحمرة المقطعة تغلب عند ما يرى من إعراض محبوبه عنه ونفاره منه،
وآية ذلك الزفير وقلة الحركة والتأوه وتنفس الصعداء. وفي ذلك أقول شعراً، منه:
جميل الصبر مسجون ودمع العين مسفوح

ومن علاماته أنك ترى المحب يحب آهل محبوبه وقرابته وخاصته حتى يكونوا أحظى لديه من أهله ونفسه
ومن جميع خاصته.والبكاء من علامات المحب ولكن يتفاضلون فيه، فمنهم غزير الدمع
هامل الشؤون تجيبه عينه وتحضره عبرته إذا شاء، ومنهم جمود العين عديم الدمع، وأنا منهم.
وكان الأصل في ذلك إدماني أكل الكندر لخفقان القلب، وكان عرض لي في الصبا،
فإني لأصاب بالمصيبة الفادحة فأجد قلبي يتفطر ويتقطع وأحس في قلبي غضة أمر من العلقم
تحول بيني وبين توفية الكلام حق مخارجه، وتكاد تشوقني النفس أحياناً ولا تجيب عيني البتة
إلا في الندرة بالشيء اليسير من الدمع.
خبر: ولقد أذكرني هذا الفصل يوما: ودعت أنا وأبو بكر محمد بن إسحاق صاحبي
أبا عامر محمد بن عامر صديقنا رحمه الله في سفرته إلى المشرق التي لم نره بعدها، فجعل أبو بكر يبكي عند وداعه وينشد متمثلاً بهذا البيت:

ألا إن عيناً لم تجد يوم واسط عليك بباقي دمعها لجمـود

وهو في رثاء يزيد بن عمر بن هبيرة رحمه الله. ونحن وقوف على ساحل البحر بمالقة،
وجعلت أنا أكثر التفجع والأسف ولا تساعدني عيني، فقلت مجيباً لأبي بكر:

وإن أمرأ لم يفن حسن اصطباره عليك وقد فارقتـه لـجـلـيد
إذا كتم المشغوف سر ضلوعـه فإن دموع العين تبدي وتفضـح
إذا ما جفون العين سالت شئونها ففي القلب داء للغرام مبـرح

ويعرض في الحب سوء الظن واتهام كل كلمة من أحدهما وتوجيهها إلى غير وجهها،
وهذا أصل العتاب بين المحبين. وإني لأعلم من كان أحسن الناس ظناً وأوسعهم نفساً
وأكثرهم صبراً وأشدهم احتمالا وأرحبهم صدراً، ثم لا يحتمل ممن يحب شيئاً ولا يقع له معه
أيسر مخالفة حتى يبدي من التعديد فنوناً ومن سوء الظن وجوها. وفي ذلك أقول شعراً، منه:

أسيء ظني بكل مـحـتـقـر تأتي به والحقير من حـقـر
كي لا يرى أصل هجرة وقلى فالنار في بدء أمرهـا شـرر
وأصل عظم الأمور أهونـهـا ومن صغير النوى ترى الشجر

وترى المحب، إذا لم يثق بنقاء طوية محبوبه له، كثير التحفظ مما لم يكن يتحفظ منه قبل ذلك،
مثقفاً لكلامه، مزيناً لحركاته ومرامي طرفه، ولا سيما إن دهى بمتجن وبلى بمعربد.

ومن آياته مراعاة المحب لمحبوبه، وحفظه لكل ما يقع منه، وبحثه عن أخباره حتى لا تسقط عنه دقيقة ولا جليلة،
وتتبعه لحركاته. ولعمري لقد ترى البليد يصير في هذه الحالة ذكياً، والغافل فطناً.

خبر: ولقد كنت يوماً بالمرية قاعداً في دكان إسماعيل بن يونس الطبيب الإسرائيلي،
وكان بصيراً بالفراسة محسناً لها، وكنا في لمة، فقال له مجاهد بن الحصين القيسي: ما تقول في هذا؟
وأشار إلى رجل منتبذ عنا ناحية اسمه حاتم ويكنى أبا البقاء، فنظر إليه ساعة يسيرة
ثم قال: هو رجل عاشق فقال له: صدقت، فمن أين قلت هذا؟ قال: لبهت مفرط ظاهر على وجهه
فقط دون سائر حركاته، فعلمت أنه عاشق وليس بمريب.

الماجــد
03-18-2011, 09:15 AM
عرف عن ابن حزم الظاهري طرحه الجريء في كتابه هذا ، حتى كان الجدل في مصنفه طوق الحمامه واسعا

ولا أدري أن كان هو من رأى أن وظيفة الأنثى فقط في السكن والحمل

اجتهاد حط من شأن المرأة

شكرا لك الميــم




عفواً الميم

حياكِ الإله بنت الهيلا

ابن حزم كان يرى أن من اسمى مهام المرأة وظائفها الحياتية السكن والحمل

لكنه لم يكن مبتدعاً ذلك بل سبقه الكثير خاصة من المفسرين

والسكن جاءت بلفظها في القرآن الكريم

ولا أعتقد أنها تحط من قدر المرأة بل هو إعلاء لدورها بهاتين الصفتين

لا سيما وأن المراة تملك حساً شعورياً وقبولاً لدى الرجل فهي كفاءة وليس انحطاط

" يمنع الإنبراش " :28:

بنت الهيــــلا
03-19-2011, 08:42 PM
مرحبا الماجد

لا بد من الانبراشات http://www.otaiby.com/vb/images/icons/icon7.gif

ليس الأمر كما فهمته ، ابن حزم يعتقد أن وظيفة المرأة مقتصرة فقط على السكن والحمل ولا تصلح لغير ذلك


وهناك اجتهادات لبعض المفسرين أنزلت من قيمة المرأة وكادت أن تساويها بالحيوانات

فلم تجعل لها حق في دراسة التفسير ولا الاشتغال بعلومه

وخلص أصحابها إلى نتائج أنزلت من مستوانا فعلا

لذا لا نريد أن نتبنى آراء لم تستند إلى أدلة شرعية وننسبها لدين

أعرف الحق أيها الماجد تعرف أهـله ولا تعرف الحق بالرجال

رسولنا عليه الصلاة والسلام جعل المرأة شقيقة الرجل ، وبعض الرجال يختزل وجودها من أجله

شيء سخيف فعلا
تحياتي ....

آلميَـم
03-19-2011, 09:07 PM
آعتذر ..آل عتيبة
التوقف عن متابعة أجزاء الكتاب ؛
فأوشم بين أيديكم الرابط لمن أراد إكمال القراءة


؛


الرابط :
http://abooks.tipsclub.com/index.php?act=view&id=826

الباسورد عند فك الضغط هي : tipsclub

الماجــد
03-19-2011, 11:04 PM
حياك بنت الهيلا

نحن لا نستطيع أن ننتقص قدر المفسرين لأن تفاسيرهم لم تكن على هوى ما نريد

ولست معتقداً أن الحمل والسكن مثالب للمراة بل هي مناقب وخصوصية مسؤولية

فالمرأة من أجلّ وظائفها في الحياة الإنجاب .. والإنجاب إعمار للأرض ..

ثمّ أقرائي ما كتبه أبن حزم عندما تحدّث عن الحب في الجزء الثالث من طوق الحمامة

جعل من المرأة ملهمة للرجل بل جعلها كل شئ في حياة الرجل ..

بنت الهيــــلا
03-21-2011, 01:07 PM
مرحبا بك مجددا

لا يقول عاقل أن السكن والإنجاب مثلبا

وابن حزم الاندلسي له أكثر من مصنف فإن أردت أن تعرف رأيه في مسألة ما

فقرأ كل كتبه بموضوعية

وأحصر أقواله في تلك المسألة لتستطيع بعد ذلك أن تحكم بإنصاف

ابن حزم الظاهري من أبسط حقوقي أن أضرب باجتهاده في المرأة عرض الحائط



نحن لا نستطيع أن ننتقص قدر المفسرين لأن تفاسيرهم لم تكن على هوى ما نريد




ذكرتني بالإمام الشافعي حين جاءه رجلا يسأله عن مسألة ، فقال: أَفْتَى فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بكذا
فقال السائل: فما تقول أنت؟ فغضب غضبا شديدا، وقال: أقول: قال رسول الله وتقول: ما تقول أنت؟ أتراني في كنيسة؟

أتراني في بيعة؟ أتراني ألبس على وسطي زنارا؟


وقال الامام أحمد : عجبت لقوم عرفوا الإسناد
وصحته يذهبون إلى رأي سفيان عرف الإسناد وصِحَّتَهُ، ويقدمون قول سفيان الثوري ويتبعونه! وهم يعلمون الأحاديث الصحيحة


ويقول الشيخ ابن جبرين حول هذا :

فالحاصل أن اتِّبَاع السنة وتقديمها على قول الشيخ فلان وفلان، هو واجب المسلم، ومن لم يفعل فإنه لم يكن مُتَّبِعًا حقيقة الاتباع. أ.هــ


.....


فإذا عرفنا موقف الكتاب والسنة من المرأة فمالنا واجتهادات حطت من قيمتها
يقول الرسول أنها شقيقة الرجل ، وثبت عن أمهات المسلمين تعليمهن لصحابة

وبعض أهل العلم يرى عدم تعلمها لعلوم القرآن وأن وظيفتها في السكن والحمل وليس إلا

فما الفرق أذن بينها وبين الحيوانات

جـــلادة
03-31-2011, 04:53 PM
تسلم يمينك يالميم ويعطيك العافية
عساك ع القوة عزيزتي